Wednesday, December 31, 2025

اليمن .. قمم الجبال الجليدية في قلب الصحراء العربية !



بقلم : إيهاب الشيمي

في اليمن تتحالف السعودية مع الحكومة الشرعية و حزب الإصلاح ذراع الإخوان لأنه سبيلها الوحيد للتواجد على الأرض في ظل غياب قواتها البرية هناك، بينما رفضت الإمارات تماماً التعاطي مع الإخوان وتحالفت مع المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى للانفصال بالجنوب وإعلان دولة مستقلة خلافاً لما تريده الرياض.

نعم، قد يبدو الأمر  في البداية توافقاً في مصالحهما ضد خطر تمدد إيران في المنطقة من خلال وكيلها الحوثي في صنعاء، ولكن الشيطان يكمن دائماً في التفاصيل !فخطة أبوظبي تستهدف دوراً إقليمياً أكبر تغلفه باحترافية وذكاء بعباءة مكافحة الإخوان في السودان و اليمن و ليبيا و الصومال.

فهي تدعم قوات الدعم السريع في السودان بحجة تغلغل الإخوان في الجيش السوداني وتدعم المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن بحجة مواجهة إرهاب القاعدة و الإخوان، وتدعم الانفصاليين في صومالي لاند بحجة تدريبهم على مواجهة تمدد الإخوان وتغلغلهم في حكومة الرئيس حسن شيخ محمد في مقديشيو.

و دعمت حفتر في ليبيا بنفس الحجة وهي التصدي لتنظيم الإخوان المسيطر على برلمان الغرب والمجلس الرئاسي الموالي بشكل كامل للأتراك في أنقرة وغلفت ذلك بأنه دعم لحليفتها القاهرة ضد التهديدات الإرهابية!

ولكن، إذا وجدت الوقت لتطالع خريطة المنطقة، فستجد أن الهدف لم يكن على الإطلاق مكافحة الإرهاب أو الأصولية، بل إيجاد موطئ قدم وخلق نفوذ سياسي واقتصادي في كل تلك المناطق والسيطرة على طرق التجارة الرئيسية في البحر الأحمر و باب المندب و خليج السويس وصولاً إلى البحر المتوسط.

وستجد أن وسائل تحقيق أهداف هذه الخطة ترتكز بشكل أساسي  على شركتي «موانئ دبي العالمية» و«موانئ أبو ظبي»، اللتين تعملان كذراعين تجاريين واستراتيجيين استطاعت الإمارات من خلالهما السيطرة على شبكة من الموانئ الحيوية الممتدّة حول إفريقيا و شبه الجزيرة العربية.

وهذا طبعاً بالإضافة إلى العديد من حزم المساعدات والمنح الاقتصادية لدول المنطقة حتى لو كان ذلك على حساب الأمن القومي العربي لدول مثل مصر بتقديم ما يزيد على ثلاثة مليارات دولار من الدعم لحكومة أبي أحمد في إثيوبيا وتسليح جيشه وإمداده بمنظومات دفاع جوي متقدمة.

وحكام أبوظبي يملكون من الحنكة والدهاء السياسي ما يجعلهم يدركون جيداً أن كل تلك الخطط والمصالح السياسية والاقتصادية وكل ذلك النفوذ الذي يتطلعون إليه سيتعارض مع خطط ومصالح العديد من الدول وعلى رأسها السعودية، ولذا يجب الحصول على دعم من هو أكثر نفوذاً منها، وتحديداً واشنطن.

ولكي تحصل على دعم واشنطن لا بد أن تنال رضا طفلتها المدللة إسرائيل وتمد لها يد التعاون الاقتصادي والتجاري بل والكثير من التعبير عن الود والصداقة أحياناً !

من هنا عزيزي القارئ يمكنك أن تجد طريقك داخل معظم تلك الدروب المعقدة، والخيوط المتشابكة، وأن تفهم ما لم تستطع رؤيته من كواليس الأحداث طوال السنوات الماضية !

فما قد يبدو  مجرد خلاف سياسي في اليمن إنما هو في حقيقة الأمر قمة جبل جليدي يمتد تحت رمال الصحراء العربية لما هو أعمق بكثير مما قد يتخيله الكثيرون !

نعم .. من حق الجميع البحث عن مصالحه، ولكن من حق الآخرين كذلك أن يحموا مصالحهم بالطريقة التي يرونها مناسبة حتى لو كانت تلك الطريقة هي قصفك جواً، فما تفترض أنه حقك لا ينبغي أن يتغول أو يقتطع من حقوق الآخرين، ومن تفترض صمته ضعفاً، قد يزلزل رده أركان نفوذك الذي ظننت أنه سيتمدد دون حساب !

 


No comments:

Post a Comment