Sunday, March 20, 2016

أمي

 
رابط المقال في روزاليوسف  

إ .. ي .. هـ .. ا .. ب

نعم .. لقد فعلتها .. لقد فعلتها .. لقد كتبت اسمي بذلك الجهاز العجيب ..
هل يمكنني أن أعمل معكم؟

هل يمكنني ؟

هل ؟ .. هل؟

.. مشهد لا يمكن أن أنساه يوم أن اصطحبتني و أنا في الخامسة من العمر معها إلى عملها بديوان عام وزارة المالية حيث كان من المفترض أن نذهب لزيارة جدتي بعد انتهاء العمل، و لكن ما يثير السخرية هنا هو أنني بعد أن ملأت الدنيا صراخاً مطالباً بحقي في العمل بعد إنجازي الضخم، كنت أنا أيضاً من أجبت على نفسي بعد لحظات قليلة حين ترك الجميع ما بيده ليبحثوا عني، ليجدوني في النهاية مختبئاً تحت أحد المكاتب خشية أن يراني "ذلك الرجل  الذي رأيته يقترب من بعيد بصوت عال أجش ليختفي من امامه كل الموظفين و كأنه وحش يهابه الجميع.

حين وجدوني لم يستطيعوا سماع شئ سوى أنني لم أعد أريد العمل هنا لينفجر الجميع في الضحك وسط  توسلاتي لها بأن نأخذ معنا ذلك الجهاز العجيب الذي لم يكن سوى "الآلة الكاتبة" و أن نرحل فوراً قبل أن "يقبض علينا" هذا الرجل الذي لم يكن سوى "السيد وكيل الوزارة" !

أتذكر أيضاً مشهداً آخر .. حين غضبت منها لأني شعرت أنها لم تعد تحبني، و لم تعد تريد اصطحابي معها إلى عملها، و كيف قررت هي في ذلك الصيف أن تصطحبني إلى ذلك المكان الغريب الذي يحاول فيه مجموعة من الغرباء ملاطفتي لأتخلى عن رهبتي و جزعي لأقبل أن تتركني وحيداً معهم !!  و كيف انقلب كل ذلك بعد اسابيع قليلة .. لأشعر كيف تحبني هي أكثر مما أتصور ، فهؤلاء الغرباء هم من علموني العزف على البيانو في المسرح الكبير الملحق بذلك المكان، و هم من علموني مبادئ الاعتماد على النفس في فريق أشبال الكشافة بحديقته، و هم من جعلوني أمسك بأول شئ صنعته في حياتي حين خرجت تلك الكتلة التي صنعتها من الصلصال من الفرن الموجود بغرفة النحت ليملأني الانبهار حينها بإمكانياتي الكامنة، و لأملأ رأسها صداعاً بضرورة وضع تلك التحفة الفنية في المنزل ليراها الجميع، و ألا نتركها في ذلك المكان الذي كانت تعلوه لافتة كتب عليها "مركز ثقافة الطفل بجاردن سيتي"

أتذكر كيف كانت تزيد من وقت رحلة عوتها من العمل إلى المنزل لكي يمكنها المرور على إحدى المكتبات التابعة لهيئة الكتاب بميدان الجيزة لترى ما تم إصداره من جديد يمكنها شراؤه لي لكي أقرأه أثناء وجودي بالمنزل في إجازة الصيف، و كيف كانت إصدارات الهيئة من مجلات أسبوعية و موسوعات علمية و قصص للأطفال يعلوها ذلك الشعار الذي كتب عليه "مصر أم الدنيا" لتترسخ تلك المقولة في ذهني حتى الآن.

أتذكر كيف أنني خلال سنوات قليلة، و بعد أن تعديت الثانية عشر من العمر بعدة اشهر، قررت أن أتغلب على مخاوفي، و أن أواجه والدي برغبتي الشديدة في امتلاك أحد أجهزة الكمبيوتر الشخصي التي ظهرت مؤخراً في الأسواق. و لم يكن خوفي حينها نابعاً من أن ما أطلبه غير جائز، بل لعلمي أن تلك الأجهزة غالية الثمن، و أن الرجل ربما لديه من الأمور التي يتطلبها البيت ما يفوق رغبتي تلك.
و لم أجد بديلاً عن مواجهة الرجل، سوى اللجوء إليها لتقنعه بأهمية ما أطلب، و أتذكر كيف أقنعته هي أن ذلك سيزيد من توسيع مداركي، و يطور من قدراتي على اكتساب المعلومة، و التفكير بطريقة منطقية، ، لأحصل في النهاية على ما أردت، و ليصبح الكمبيوتر منذ ذلك الحين رفيقاً لا أتخلى عنه، و ليصبح تفكيري كما أرادت هي، و ليترسخ في عقلي بفضلها حقيقة أن الوعي و تنمية الإدراك، و بناء أسس التفكير المنطقي قد تكون في أحيان كثيرة أهم من اشياء أخرى يضعها الكثيرون في مرتبة أعلى في سلم اهتماماتهم حين يتعلق الأمر بتربية أبنائهم.

غير أن أكثر ما أتذكره و بوضوح، هو كيف أنها أرادت و بشدة أن ألبي لها طلبها حين تعلق الأمر بالاختيار بين طريق كلية الطب أو طريق كلية الهندسة، و كيف أنها لا تريد من الدنيا سوى أن ترى أحد أبنائها طبيباً ! و لم تكن تلك للأسف رغبتي، فلطالما انشغلت منذ صغري بالرسم و بناء النماذج من المكعبات الخشبية و البلاستيكية، و تفكيك الألعاب التي أحصل عليها و تعديل تروسها و دوائرها الكهربية، و لا أستطيع تخيل شئ آخر غير التحاقي بكلية الهندسة، و لم أجد كعادتي بديلاً من سند لي في مواجهة ذلك إلا اللجوء لحليفي الدائم حين يتعلق الأمر بطلب المساندة .. إليها هي .. لتكون حليفي و خصمي في الوقت ذاته !

و لم تخذلني كعادتها .. فكما تفهمت أنا رغبتها، تفهمت هي حبي الشديد لها و كيف أنه لا يتعارض مع قراري بأن أخذل حلمها، و بنفس القدر من رغبتها في أن أحقق رغبتها، كان قدر دعمها لي في المسلك الذي اخترته لنفسي لتزرع في وجداني قيم حرية التعبير و احترام الآخر، و ثقافة الاختلاف، و الوقوف صفاً واحداً حتى مع من نختلف معهم حين يكون الهدف هو مصلحة الجميع.

إن الشخص الذي تقرأون كلماته الآن، لم يكن ليصل إلى ما هو عليه الآن، لولا كل تلك التفاصيل الصغيرة التي رسمتها هي بدقة متناهية منذ نعومة أظافري.

نعم ..  قد لا أكون في نظرها الأفضل في التعبير عما أحمله لها من حب و عشق و تقدير مقارنة بآخرين من "الكلامنجية" ، و قد لا أكون الأكثر تخصيصاً للوقت الذي أقضيه بجوارها مقارنة بآخرين ممن يسمح لهم وقتهم بذلك، و لكنني بالتأكيد الأعظم عشقاً لها، و الأعمق إدراكاً بفضلها، و الأكثر اعترافاً بنعمة الله أن وهبني تلك السيدة العظيمة التي حين أبحث عن الكلمات لأصف حبي لها فلا أجد ما يكفيها  ..

يكفيني من الكلمات كلمة .. أمي



Friday, March 11, 2016

عفواً سيادة الرئيس .. !

إيهاب الشيمي

 عفواً سيادة الرئيس ..
إما أنك تدرك أن اختيارك للقيادة كان قراراً من الشعب، تطلبته أهداف قصيرة الأجل و ضرورات مرحلية على رأسها حفظ وحدة التراب الوطني و الإبقاء على الحد الأدنى اللازم من سيادة الدولة التي تآكلت بفعل ثلاثة عقود من الفساد و هو ما أكدته أنت بلسانك منذ أسابيع قليلة ..

أو أنك ترى في نفسك القيادة التاريخية التي طالما انتظرها الشعب و التي يمكن من خلالها تحقيق الرخاء الذي يتطلع إليه كل المصريين من أجل مستقبل أفضل لأبنائهم !

و لا اظنك ستختلف معي في أن الخيار الأول يوجب عليك فقط التركيز على محاربة الإرهاب، و تطوير قدرات القوات المسلحة، و إعادة هيكلة منظومة العلاقات الخارجية خلال الفترة الرئاسية المتاحة طبقاً للدستور، و دون الحاجة لتذكيرنا كلما سنحت الفرصة لذلك بكل تلك الجهود الخارقة لبناء عاصمة جديدة و ازدواج المجرى الملاحي للقناة و الهرولة لزراعة مليون و نصف المليون فدان، و هي أمور لا علاقة لها بذلك الخيار و أهدافه، بل و لم يقم الشعب بثورتين و هي على قائمة مطالبه من الأساس !

أما الخيار الثاني، لو أردت أن يكون ذاك هو ما تريد، فيتطلب منك بالإضافة لكل تلك الجهود ما هو أصعب منها بكثير .. !
فهو يتطلب قراراً صعباً بضرورة القضاء على كل علاقة لمؤسسات الدولة و الرئاسة بنظام مبارك بكل ما تحمله الكلمة من معنى .. و ذلك لا بد ان يشمل الوجوه التي سئمها الجميع ، و العقليات المهترئة التي لا يمكنها الخروج من حقبة القرن الماضي، و الاستراتيجيات الاقتصادية العقيمة التي لا تعتمد في تنمية الموارد سوى على النظرة الاستعلائية للحكومة تجاه الشعب و محدودي الدخل و العودة لمنطق أمراء المماليك بتنمية الموارد عن طريق فرض المزيد من الضرائب و الاستمرار في زيادة الرسوم يوماً تلو الآخر دون طرح رؤية حقيقية للحلول ..

رؤية لتنمية الصناعة بشكل حقيقي عن طريق دعم استيراد المعدات اللازمة و العمل على تكوين خريطة كاملة لكيفية استغلال و استخراج الخامات اللازمة لها و استيراد ما لا يتوافر منها فقط، و خلق شبكات الطرق و الطاقة الجديدة بالشكل الذي يدعم هذه الصناعات، و تصنيف الصناعات الواجب دعمها طبقاً لأهميتها للاقتصاد الوطني و إمكانية تكاملها مع صناعات و أنشطة أخرى لخلق فرص عمل اشمل و أوسع، و ليس فقط قصر الدعم على منح المزيد من الإعفاءات الضريبية و خفض رسوم الوقود و الطاقة التي لا تصب في النهاية سوى في خانة أرباح أباطرة الصناعة فقط ..

رؤية لتنمية الصادرات ، و جذب الاستثمارات لتنمية الاحتياطيات الحقيقية و الفاعلة للنقد الأجنبي، و ليس تلك الاموال الساخنة التي تعتمد فقط على سعر الفائدة المرتفع، و ضبط سعر الصرف بصورة هيكلية تضمن مصلحة المستثمر و الدولة في آن واحد، و ليس فقط عن طريق العمل على تقييد التعامل في النقد الأجنبي و تقييد الواردات و تقييد قدرة المستثمر على الاستفادة من أرباحه و تحويلها للخارج كما حدث طوال العامين الماضيين مما أدى في النهاية لانهيار الاحتياطي إلى ما يقارب النصف تقريباً وصولاً إلى إلغاء هذه القرارات و لكن بعد فوات الكثير من الوقت الذي كان من الممكن تداركه ..

رؤية للاستفادة من الموارد السياحية الطبيعية و الأثرية تشمل تغيير عقلية القائمين على قطاع السياحة أنفسهم بدءاً من القمة حيث يقبع رؤساء هيئات تنمية و تنشيط السياحة و نزولاً إلى أصغر حارس على مقبرة وسط الصحراء، و مروراً بأولئك الذين كسروا ذقن توت المسكين و أعادوا لصقها بالغراء في المتحف المصري، بل و تمتد لتغيير نظرة العاملين بقطاع السياحة و الشعب نفسه للسائحين كسفراء لنا حين عودتهم لديارهم، و ليس كنعاج يجب أن نجتز آخر شعرة صوف من على أجسادهم قبل أن يمكنهم المغادرة ..

رؤية لتغيير العقيدة الأمنية لدى أجهزة الشرطة التي ظهر جلياً مؤخرا أنها تحتاج للكثير من التقويم، و تغيير أساليب التدريب ليمكنهم حماية أنفسهم أولاً قبل أن يستطيعوا حمايتنا بدلاً من كل تلك العشوائية في تأمين التمركزات الثابتة و المتحركة، و التي لم تصل بهم سوى لتقديم المزيد من الضحايا بسبب تكرار نفس الأخطاء و الخوف من طرح أفكار جديدة على قيادات أكل عليها الدهر و شرب، أو بسبب ما أخشاه بصورة اكبر، و هو غياب الأفكار كلية عن أذهان الجميع من الأساس ..

رؤية لكيفية استغلال الموارد المحدودة المتاحة حالياً للتخفيف من وطأة الضغوط الاقتصادية الملقاة على كاهل السواد الأعظم من الشعب الذي تمثله الطبقة الفقيرة و المتوسطة قبل أن ينفجرا من جديد في غمرة الانشغال بالمشاريع الضخمة و الأحلام الكبرى، و هو الانفجار الذي أشك أن سيكون له خطوط حمراء في هذه المرة ..

و قبل ذلك كله .. رؤية لتطوير آليات و أساليب القيادة نفسها، آليات تحكمها خطوط عريضة لمعايير تقبل النقد بعيداً عن مشاعر الغضب أو الذاتية، و تحدد معايير السعي لطلب النصيحة من أولي الخبرة و الكفاءة، و تضع قواعد الحالات التي يجب فيها الاعتراف بالخطأ حين يتطلب الأمر ذلك لضمان الشفافية الكاملة، تلك الآليات و القواعد التي لا بد من إرسائها بدلاً من اللجوء دوماً لادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة و فساد كل رأي يخالف رأي القيادة، و هو ما لن يفلح سوى في إعادتنا لمرحلة ما قبل الثورة التي تؤكد أنت يا سيادة الرئيس أنها كانت حتمية، و أنها من جاءت بك من بين صفوف الشعب لتكون عوناً له على تحقيق مطالبه !

للأسف .. فكما أطالبك بإشراكنا جميعاً في كل قرار يتعلق بمستقبل هذا الوطن، فلن أستطيع أن أفعل ذلك هنا .. فالقرار هنا لن يأخذه سواك ..

عليك أنت فقط أن تختار أي نوع من القادة ما تفضل أن تكون عليه !

Saturday, March 5, 2016

المؤامرات المتحدة الأمريكية !

إيهاب الشيمي

خلال الشهور الماضية استطاعت الولايات المتحدة إقناع السعودية بالانضمام للتحالف الدولي ضد داعش في سوريا، و أعلنتها الحليف الرئيسي في الحرب على الإرهاب في المنطقة، كما وفرت الدعم للعملية العسكرية السعودية في اليمن و إن اقتصر ذلك كما هو معلوم على الجانب السياسي فقط دون دعم عسكري ملموس.

كما أفلحت كذلك في إقناعها بزيادة الانتاج النفطي و إغراق الأسواق بالخام لخفض الأسعار و بالتالي تدمير اقتصاد العدوين المشتركين .. إيران و روسيا.

عدة مشاهد قد يظن من يراها للوهلة الأولى أنها استمرار للتحالف الاستراتيجي التاريخي بين البلدين كما يجب أن يكون، ضد الأعداء التقليديين، أو من هم المفترض بهم أن يكونوا كذلك  !

 و لكن، هناك دائما ما هو خلف الكواليس ..

لاحقاً ، رفعت واشنطن العقوبات عن طهران و منحتها حق استكمال برنامجها النووي بدعوى سلميته و إحكام الرقابة عليه، كما  نسقت مع موسكو لبدء المفاوضات السياسية بين الفرقاء السوريين بما فيهم وفد الأسد، الذي تعلن من جهة أخرى و في تناقض واضح عن طريق البنتاجون أنه من الأفضل التدخل برياً بقيادة السعودية  لإزاحته عسكرياً بحجة إنقاذ الشعب السوري، في محاولة واضحة لإنهاك القوة السعودية على أكثر من جبهة شمالاً و جنوباً !

و كدليل على ما كان مخططاً خلف الكواليس، فاليوم .. يرتفع مخزون النفط الخام الأمريكي بصورة غير مسبوقة نتيجة انخفاض أسعار الخام المستورد، بينما تسجل الموازنة السعودية في المقابل عجزاً قيمته 100 مليار دولار، و تسعى الرياض لاقتراض 10 مليارات دولار من العديد من المصارف في الخارج للمرة الأولى في تاريخها، و تتوقف بالتبعية و بسبب الضغوط المالية عن دعم لبنان ضد التمدد الإيراني هناك.

أما على الجانب الآخر، فإن طهران تتوقع نمو اقتصادها في العام القادم  بنسبة 10 بالمائة لتتمكن من بسط المزيد من النفوذ في العراق و لبنان و سوريا، و تستطيع منح قبلة الحياة من جديد لحلفائها الحوثيين و تابعهم صالح  في اليمن، و ما زاد الطين بلة، هو اضطرار الرياض لتثبيت مستويات الانتاج النفطي عند حدود شهر يناير و هو ما سيؤدي لرفع الأسعار أو على الأقل وقف انهيارها، و لكن لصالح طهران هذه المرة، بعد أن تم السماح لها أخيراً بتصدير النفط ضمن قرار وقف العقوبات    !

و مما يزيل المزيد من حوائط الشك و الريبة أن الولايات المتحدة بدأت فعلياً في فك ارتباطها بالرياض هو ما أثاره أعضاء بالكونجرس في تزامن مريب مع شبكة سي إن إن الإخبارية المقربة من دوائر الحزب الديمقراطي الحاكم، و التي تدور جميعاً في فلك اتهام العائلة المالكة السعودية رسمياً بالضلوع في هجمات الحادي عشر من سبتمبر بناءاً على معلومات وفرها زكريا موسوي عضو تنظيم القاعدة المقرب من بن لادن و الذي أكد في اعترافاته أن من بين الممولين للمجموعات التي قامت بتدريب الطيارين الذين قاموا بالهجمات في ألمانيا و الولايات المتحدة أمراء سعوديين و ذكر من بينهم تركي الفيصل و بندر بن سلطان !

و بالرغم من تصريح شبكة سي إن إن الإخبارية أنها لا تؤكد صحة هذه المعلومات، إلا أنها قامت بإعادة نشرها هذه الأيام بعد أن نشرتها للمرة الأولى في فبراير 2015 ، و هو ما تلقفه في تنسيق واضح نواب و أعضاء مجلس شيوخ سابقين لدعم إصدار قانون يتيح مقاضاة السعودية و تجميد أصولها في الولايات المتحدة التي تقترب من تريليون دولار أسوة بما فعلته أمريكا لتدمير الاقتصاد الإيراني طوال السنوات الماضية، و هو ما أراه سيحدث في المستقبل القريب برغم تعهدات البيت الأبيض باستخدام الفيتو ضده !

و يبقى السؤال، هل هناك من يقرأ المشهد؟!

هل هناك من يستطيع أن يرى كيف بدأوا بفلسطين، ثم لبنان، ثم العراق، ثم السودان، ثم سوريا، ثم ليبيا، و كيف حاولوا و مازالوا يحاولون في مصر و تونس ؟!

هل هناك من مازال يشك أن واشنطن تسعى لفصل الرياض عن محيطها العربي و ربطها فقط بتحالفات أوروبية و تركية خاضعة لهيمنتها، و هو ما يمكن قراءته بين سطور طلب الرياض تأجيل التوقيع على بروتوكول القوة العربية المشتركة التي كانت ستوفر غطاءاً عربياً قوياً بدلاً من أن تزج بقواتها منفردة على كل الجبهات، بل و طلبها أيضاً تأجيل القمة العربية الدورية في الرباط ثم إلغائها منذ أسابيع قليلة !

هل مازال هناك من يدرك أن السعودية و مصر هما كفتا ميزان استقرار المنطقة و بقاء العرب كقوة فاعلة، إحداهما بثقلها الاقتصادي و الديني، و الأخرى بثقلها البشري و العسكري ؟

هل هناك من مازال غافلاً عن أنهم يريدون أن تكون السعودية هي  الضحية التالية ، لينهار ذلك التوازن الدقيق، ويتمكنوا من رسم "حدود الدم" لننسى جميعا ًكل تلك الخرائط التي تحدد ما اعتدنا على تسميته بالوطن العربي ؟

هل ستظل حكوماتنا تأتي إلى كراسي السلطة لكي تبدأ كل شئ من جديد دون استكمال ما بدأه أسلافها، و دون التعلم من اخطاء الماضي، لتستمر في ابتلاع الطعم ذاته في كل مرة ؟!

ألا تستطيع هذه الحكومات أن تدرك كم هي محبكة و مستمرة و مترابطة .. تلك المؤامرات المتحدة الأمريكية ؟