Friday, September 27, 2019

الرئيس .. بين إعادة التفويض، و تجديد منابع التأييد!

إيهاب الشيمي

رغم وقوفي بثبات و دون تردد في جانب الوطن و الرئيس و الجيش كخيار لا رجعة عنه و لا داعٍ لمناقشة حيثياته، إلا أنني لست مؤيداً أو موافقاً من الأساس على خروج مسيرات لتأييد الرئيس أو الحكومة أو الجيش ..
فالرئيس جاء من خلال انتخابات أثق في نزاهتها و يمتلك من الصلاحيات الدستورية ما يمكنه من اتخاذ ما يلزم لصالح الوطن دون تفويض !
و الحكومة جاءت بتكليف من الرئيس المنتخب ..
و الجيش لا يحتاج لمن يهتف له لكى يستمر في تأدية واجبه التاريخي في حماية هذا الوطن كما فعل في يوليو و أكتوبر يونيو !

ما يحتاجه الرئيس فعلاً ليقف بقوة في وجه مخططات القوى الخارجية و عملائها في الداخل هو تجديد دعم القوى السياسية له و لسلطته من خلال كيانات سياسية قوية تمثل الشعب المصري و ذلك لن يتحقق إلا من خلال منحهم المزيد من الحريات و إزالة العديد من العقبات التي تحد من قدرتهم على التواصل مع السلطة من جانب و مع جموع الشعب من جانب آخر ..

و ذلك لا يعفي المعارضة الوطنية من مسؤولياتها، فقناعتي الراسخة أن قدرة المتربصين بالوطن على بث الفوضى ستصبح في غاية الصعوبة حين تتمحور المعارضة السياسية حول رفض أسلوب السلطة المنتخبة لتحقيق المصلحة العليا للوطن التي يتفق عليها الجميع في الجانبين، وليس رفض وجود هذه السلطة و السعي لإسقاطها فقط و لو على حساب مستقبل الوطن و أمنه و استقراره و تقدمه، و سنمتلك معارضة يمكنها فعل ذلك حين تدرك السلطة و مؤيدوها أن المعارضة ليست بالضرورة نوعاً من الخيانة!

ما يحتاجه الرئيس هو وصول صورة الداخل المصري الحقيقية للعالم لدحض الصورة الكاذبة و المشوهة التي تروج لها أبواق الغرب و جزيرة قطر و قنوات الخليفة العثماني في اسطنبول و ذلك لن يتحقق إلا بانتهاج سياسة إعلامية جديدة تعتمد على الشفافية و تنمية الوعي و مخاطبة الخارج بلغته التي يفهمها و توظيف من يمتلكون الخبرة العملية و القبول لدى المستقبلين و من يجيدون استخدام أدوات الإعلام بكل ألوانها المرئية و المسموعة و الرقمية و ليس الاعتماد على الخطاب المعتاد الذي لا يختلف كثيراً عن مثيله في خمسينيات و ستينيات القرن الماضي و لكن مع إضافة المزيد من الألوان فقط هذه المرة! 

ما يحتاجه الرئيس هو أن يذكره كل المصريين الآن و بعد انتهاء ولايته بالخير و الفخر و الحب، و هو ما لن يتحقق إلا بمنحه كل منهم ما يستحقه من الكرامة و المساواة و العدالة و التقدير على ما يقدمونه منذ ثمان سنوات من دمائهم و عرقهم و أرزاقهم و راحتهم من أجل هذا الوطن، و ليس حصر التقدير و التكريم في رجال الشرطة و الجيش فقط، مع اعترافنا الكامل بكل ما تحملوه خلال الفترة العصيبة الماضية! 

ما يحتاجه الرئيس هو شعب تقود طموحاته و أداؤه السياسي و الاقتصادي سياسته الأمنية، و ليس أن تتم رؤية كل ذلك و صياغته من خلال عدسات الرؤية الأمنية فقط، و إن اتفقنا على أهميتها في ظل التهديدات القائمة !

ما يحتاجه الرئيس هو أن تتخلى السلطة عن النظرة الاستعلائية تجاه الشعب و أن تبذل كل ما في وسعها لتشرح له بكل شفافية و بساطة كيف تم بناء بنية تحتية كاملة شملت شبكات الطاقة و الطرق و المرافق، و كيف تم خفض عجز الموازنة، و كيف تم زيادة التصنيف الائتماني السيادي، و كيف تم تقليص نسبة البطالة، و كيف تراجعت معدلات التضخم، و كيف زادت احتياطات النقد الأجنبي، و كيف تمكنت مصر رغم كل الظروف من زيادة الناتج المحلي الإجمالي بصورة ملحوظة، و كيف تؤثر الإجراءات التي تم تنفيذها لتمويل و تنفيذ كل ذلك على كل فرد منهم في الحاضر و المستقبل، و كيف سيتم بذل المزيد من الجهد للوصول إلى ما نص عليه الدستور من مخصصات للتعليم و الصحة و العدالة الاجتماعية، بدلاً من تركهم فريسة لإعلام المرتزقة الذي يزرع داخل عقولهم أكاذيب غياب الإنجازات، و ادعاءات انهيار الاقتصاد، و زيادة العجز، و انعدام الأمل في مستقبل مشرق!  

 ببساطة .. سيساند الجميع الرئيس دون دعوات و دون طلبات للتفويض و دون مسيرات و دون لافتات و دون صخب حين يشعرون أنهم شركاء حقيقيون في نجاح الوطن و ليس مجرد أدوات يمكن استدعاؤها حين يتعلق الأمر بتحمل أعباء الإصلاح أو رفض دعوات الفوضى..

حين يحدث ذلك، سيجد أعداء الوطن صعوبة كبيرة في إثارة القلق و إشعال الفتنة و إسقاط الدولة باستغلال نصاب هارب و قناة عميلة و جماعة مارقة، لأنهم يعلمون حينها أنهم بصدد مواجهة أمة بأكملها و شعبٍ بكامل أطيافه و انتماءاته، و ليس مجرد شخص الرئيس فقط! 

تحيا مصر و حفظ الله جيشها العظيم.