Friday, March 27, 2020

كورونا .. الحقيقة، الخوف، و الوعي !

إيهاب الشيمي

منذ الإعلان عن أول حالة كورونا في مصر، لم يتوقف ترويج المتربصين بالوطن لكل ما يثير الفزع بين جموع الشعب المصري، وكل ما يثير الشك والريبة في قدرة الحكومة على إدارة الأزمة، بل وإثارة الفوضى من خلال توجيه بعض الدعوات الخبيثة للنزول للشوارع في مسيرات لطلب العون من الله، وكأن الله ينتظر خروجنا في مظاهرات لكي يستجيب لدعواتنا!

ولذلك رأيت أن أكتب هذ السطور لأتبادل معكم رؤيتي المتواضعة للأمور بما يبدد هذه المخاوف، ويمنحنا جميعاً بعض الثقة والطمأنينة، فعلى عكس ما يروج له المتربصون بأن الأرقام المعلنة في مصر تعني أن عدد الإصابات تضاعف في مصر عشر مرات خلال العشرة أيام الأخيرة، إلا أن الأمور لا يتم احتسابها بهذه الطريقة التي لا تهدف إلا لإثارة الهلع!

فبحسابات بسيطة يمكنك عزيز القارئ أن ترى أن متوسط الزيادة اليومية في عدد الإصابات في مصر هو 16.35% وهو ما يعطي 93 إصابة بعد أول شهر من إعلان اول إصابة، و497 إصابة في اليوم الحادي والأربعين منذ إعلان اول إصابة، وهو تماما ما أعلنته وزارة الصحة يومي الثالث عشر والسادس والعشرين من مارس على التوالي، و هو ما يعني أننا و بهذا المعدل سنصل بعدد الإصابات في مصر إلى نحو  1,233 بحلول الأسبوع الأول من أبريل 2020، مع ملاحظة أن 45 حالة من هذه الحالات تم تسجيلها في موقع واحد فقط هو الباخرة السياحية النيلية في الأقصر!

والشيء اللافت بجانب ثبات هذه النسبة، هو ارتفاع نسبة تحول العينات من إيجابية إلى سلبية بفضل الله أولاً، ثم بفضل بروتوكولات العلاج التي تطبقها وزارة الصحة والتي تتعدى 26.25% حسب آخر الإحصائيات المعلنة يوم السادس و العشرين من مارس 2020، وبالتالي فسيكون عدد حالات الشفاء بحلول الأسبوع الأول من أبريل هو 323 من أصل 1,233 متوقعة طبقاً لمعدل الزيادة الحالي كما سبق و ذكرت، وعليه يكون عدد المصابين الفعليين في مستشفيات العزل هو أقل من 900 شخص فقط يتم رعايتهم على أفضل وجه بواسطة أبطال الطواقم الطبية في مستشفيات العزل في "النجيلة" بمرسى مطروح، و"إسنا" بالأقصر، و"أبو خليفة" بالإسماعيلية و"العجمي" بالإسكندرية ومستشفى "تمي تمديد" بالدقهلية و المستشفيات التي تم إضافتها للعزل منذ أيام وهي "مستشفى 15 مايو" و"مستشفى العجوزة التخصصي"، بالإضافة إلى "مستشفى الصداقة" و"مستشفى قفط" في محافظة قنا، و"مستشفى قها" في القليوبية.

ولا أرى أن هذه الأرقام تدعو للقلق أو الخوف من انتشار رقعة الإصابات في مصر فالأرقام في الولايات المتحدة أكثر إثارة للقلق!
ففي خلال شهر واحد تم تسجيل ما يزيد عن 81,000 إصابة هناك، وهو ما يعادل تسجيل 27,000 إصابة في مصر باحتساب النسبة بين تعداد السكان (3:1) وهو ما لم يحدث في مصر بحمد الله

ما قد يخفف من حدة التشكيك في قدرتنا على مواجهة الأزمة مقارنةً بالدول الكبرى، هو أن تعرف أن عدد أسرة العناية المركزة في الولايات المتحدة هو 100,000 سرير ولكن هذا يتضمن 28,000 سرير عناية للأطفال وحديثي الولادة، فيكون المتاح فعلياً هو 72,000 سرير ، وهو أقل من عدد الإصابات الحالية، وثلث العدد المطلوب البالغ نحو 200,000 سرير  حسبما توقع تقرير فيدرالي حال انتشار الانفلونزا هناك.

و بتطبيق المعدل العالمي لعدد أسرة العناية المركزة المطلوبة مقارنة بعد السكان، فعليك أن تعرف أن المعدل هو سرير لكل 7,000 شخص، وستجد أن هناك من سيقول لك أن مصر لا تمتلك سوى 6,000 سرير فقط أي سرير لكل 17,000 شخص، و هو رقم صحيح بالفعل، و لكنه يتجاهل تماماً وجود 4500 سرير في المستشفيات التعليمية مثل قصر العيني و الدمرداش و الحسين و غيرها، و هو أيضاً يتجاهل وجود 5,000 سرير في المستشفيات الخاصة و التي يمكن بقرار حكومي استخدامها أيضاً كما حدث في فرنسا و إيطاليا، و هو ما يعني أن النسبة الحقيقية هي سرير لكل 6,450 شخص و هو أفضل من المعدل العالمي!
و عليك أيضاً أن تعلم أن كل الارقام السابقة لا تشمل  المستشفيات العسكرية، أو خطط القوات المسلحة لإنشاء مستشفيات ميدانية أو الإشراف على تصنيع أجهزة التنفس الاصطناعي الإضافية اللازمة حال استدعى الأمر ذلك لا قدر الله!

الخلاصة يا سادة، أن الوضع في مصر ليس كما يروج له المأجورين والمشككين والمذعورين! فمعدل زيادة الإصابات مازال تحت خط الخروج عن سيطرة الحكومة، واستعداداتنا من أسرة العناية المركزة متناسبة مع عدد الإصابات المتوقع، ونسب الشفاء مرتفعة بشكل لافت، و لكن لا تجعل ذلك ينزع عنك كل القلق لينقلب إلى استهتار أهوج .. !

فعليك أن تعرف أنه لو أصابتك الأنفلونزا، فاحتمال نقلك للعدوى للآخرين هو أن تنقلها إلى 1,3 شخص و بالتالي سينقلونه إلى 1,3 شخص آخر و تستمر المتوالية الحسابية لنصل عند المرحلة العاشرة من تكرار العدوى إلى 14 شخص تقريباً، أما في حالة فيروس كورونا، فإن احتمال نقلك للعدوى للآخرين هو أن تنقلها إلى 3 أشخاص و بالتالي سينقل كل منهم المرض إلى 3 أشخاص آخرين .. و قد لا يبدو الفارق بين 1,3 شخص في حالة الانفلونزا و 3 أشخاص في حالة كورونا كبيراً لك للوهلة الأولى، و لكن باستخدام آلة حاسبة بسيطة ستكتشف أن المتوالية الحسابية ستصل عند المرحلة العاشرة من تكرار العدوى إلى 59,000 شخص تقريباً!و ليس 14 شخصاً كما هو الحال في الانفلونزا العادية، و ستكون أنت وحدك المسؤول عن إصابتهم جميعاً لعدم التزامك بما يجب فعله من أجلك أولاً قبل أن يكون من أجل أحبائك و وطنك!

نعم ..  وعيك فقط هو ما سيقرر ما سيحدث في الأيام القادمة!

أبوس إيدك .. خليك في بيتك

حفظ الله مصر