Friday, October 4, 2019

جيشي الذي أعرفه.. !



إيهاب الشيمي

كلما أطلت علينا ذكرى أكتوبر المجيدة أقوم بتغيير صورة الغلاف و صورتي الشخصية على حساب الفيسبوك لتعبر عن ذلك النصر العظيم.
و كلما فعلت ذلك كانت تواجهني الانتقادات من أطراف عدة:
فقبل الثورة - و أعني بها هنا يناير و ليس غيرها - كان يهاجمني رفاقي الناصريين و القوميين الذين يرون في ذلك النصر بداية ﻷن ترتمي مصر في أحضان الرأسمالية الغربية و التفريط في حقوق مصر السيادية في سيناء بل و التخلي عن انتماءنا العربي و القومي باستكمال التحرير عن طريق اتفاقية منتجع الحاج ديفيد.

بعد الثورة .. و تحديدا في اكتوبر 2011 هاجمني رفاقي الثوار، فذاك هو الجيش الذي أفرج عن حسن مالك و خيرت الشاطر في أعقاب الثورة وترك رفاقنا ليلقوا حتفهم في ماسبيرو، و تحالف مع القوى الإسلامية فسمح لها بإجهاض الثورة و الاستيلاء على مجلس الشعب و فتح لهم الطريق للاستيلاء أيضاً على رئاسة الجمهورية من خلال تنظيم انتخابات يعلم جيدا أنهم الفصيل الوحيد المنظم الذي يستطيع الفوز بها! 

بعد انتخاب مرسي .. هاجمني أصدقائي من فلول مبارك ممن صدمهم إذعان الجيش لضغوط القوى اﻹسلامية للحد الذي دفعه لتسليم البلاد برمتها للإخوان المسلمين، و هاجمني أيضا أصدقائي من الثوار المستقلين الذين رأوا أن الجيش في حقبة مرسي هو مجرد استمرار لمجلس طنطاوي بل و ذهب ببعضهم الحال الى اتهام السيسي بأنه عميل اﻹخوان في الجيش.

و بعد سقوط مرسي هاجمني الجميع، فاﻹخوان يرون أنه جيش خائن أسقط الرئيس الشرعي و حنث بالقسم، و الثوار يرونه يسعى جاهدا ﻹعادة دولة مبارك، و الحقوقيين يرون أنه جيش قتل معتصمي رابعة العزل بدم بارد، و يقتل مؤيدي مرسي ممن يجوبون الشوارع في مسيرات خفية لا يستطيع أن يراها إلا مشاهدي الجزيرة.

و الآن يهاجمني كل هؤلاء مجتمعين، فهم يزعمون أن الجيش يحاول بكل ما يستطيع أن يسيطر على مقاليد الأمور بأكملها، اقتصادياً و سياسياً، و عسكرياً، بل و حتى ثقافياً و فنياً، و أن مصر تحولت لدولة يحكمها الجنرالات !

لكل هؤلاء أقول:
من حقكم أن تعتقدوا ما تريدون، و لكن الجيش المصري بالنسبة لي سيظل دائماً هو ذلك الشاب المصري الذي تخضبت ملابسه بدماء أقرانه في يونيو 67 و استمع لكلماتهم اﻷخيرة و هم في أحضانه يبثونه آمالهم التي لم تتحقق و حنينهم ﻷبنائهم الذين لن يرونهم مرة أخرى و معشوقاتهم اللواتي لن يقبلوا شفاههن كما حلموا .. ذلك الشاب الذي جثى على ركبتيه قبل أن تفارق قدميه أرض سيناء ليغترف حفنة من ترابها و يحتفظ بها في جيبه حتى لا يشعر أنه ترك سيناء كلها للإسرائيليين .. ذلك الشاب الذي انتظر ست سنوات كاملة لم يحلم فيها سوى بأن يعيد تلك الحفنة من الرمال إلى الضفة الشرقية حيث اغترفها أول مرة .. ذلك الشاب الذي لم يفطن أنه فقد نصف دمائه على أرض سيناء إلا حينما اطمئن أنه يرى من بعيد تلك القطعة من القماش التي حرص عليها أكثر من حياته و هي ترفرف فوق أنقاض نقاط العدو الحصينة، بينما في مقدمة المشهد يستطيع أن يرى بالكاد رفاقه يهرعون إليه ليستحلفونه بدموعهم ألا يفارقهم حتى يشاركهم الفرحة بتحقيق حلمه.

هذا هو جيشي الذي أعرفه .. و هذا هو أكتوبر الذي أفخر به.

عاشت مصر و عاش جيشها العظيم

No comments:

Post a Comment