Saturday, July 20, 2019

مصر التي في خاطري .. !


إيهاب الشيمي

خلال الأسابيع القليلة الماضية، احتضنت مصر كأس الأمم الأفريقية في نسختها الأولى بعد زيادة عدد المنتخبات إلى 24 فريقاً بدلاً من 16 فريقاً كما جرت العادة ..

وتشاء الأقدار، أن تكون تلك أيضاً هي البطولة الأكبر من حيث مشاركة الدول العربية حيث ضمت إلى جانب مصر كلاً من الجزائر و المغرب و تونس و موريتانيا، التي لم يكن المدعو مدحت شلبي، هو و الكثيرين ممن ابتلانا بهم إعلام الفضائيات الرياضي ، يعلم أنها دولة عربية بالأساس !

و رغم التزامنا كدولة منظمة بتوفيرالدعم لكل الفرق المشاركة و توفير الخدمات و أعلى درجات الضيافة و الراحة لمناصري و مشجعي هذه الفرق أثناء تواجدهم في مصر، إلا أن التزامنا تجاه الفرق العربية الأربعة كان بالطبع يتجاوز الالتزام التنظيمي و الرسمي ليشمل كذلك الدعم الجماهيري المعتاد و المنتظر لكل الأشقاء العرب من أبناء مصر .

و لكن ..

يبدو أن هناك الكثير من قاصري النظر، على المستويين الشعبي و الإعلامي، ممن مازالوا يدعون لاستدعاء مشاعر الكراهية و الغضب تجاه الأشقاء، و من تعدى الأمر لديهم من مجرد الهجوم على من توجهوا لمناصرة لمنتخب الجزائر و تشجيع الخضر في اكثر من مباراة، إلى ما هو أكثر من ذلك ..

فها هي مؤسسات إعلامية كبرى، يفترض في من يقومون على إدارتها التحلي بالوعي و الإدراك و المسؤولية، تقوم بنشر العديد من المقالات و مقاطع الفيديو  التي تهدف بصورة مباشرة أو غير مباشرة لتأجيج مشاعر الكراهية و الحقد و إظهار أوجه الاختلاف و تضخيم تأثير القلة من المتعصبين في الجانبين، بينما تجاهلت تماماً الصورة الأكبر التي تسيطر على معظم جوانبها مشاعر الأخوة و روح الضيافة المصرية الحقيقية و مشاعر الامتنان و الحب من معظم الجماهير العربية و على رأسها جماهير الجزائر !

 نعم .. و للأسف الشديد، مازال هناك من قاصري النظر من يحصر علاقة مصر بالجزائر في "خناقة" مباراة تصفيات مونديال 1990 الشهيرة التي اهلت منتخبنا الوطني لنهائيات كأس العالم، و أحداث "مباراة أم درمان" في تصفيات مونديال 2010 والتي حرمت أعظم اجيال الكرة المصرية من تمثيلنا في مونديال جنوب أفريقيا، و تصريحات بضعة متعصبين من جماهير و لاعبي و مدربي منتخب الجزائر ممن لا يمثلون إلا أنفسهم، كما لا يمثل العديد لدينا هنا في مصر من إعلاميين و مسؤؤلين و جماهير إلا انفسهم فقط !

نعم .. مازال هناك من يحصر علاقتنا بقطر في تميم و أمه و والده حمد الذي خان أباه ،قبل أن يخون أشقاءه العرب، من اجل ان يرتمي في أحضان من وعدوه كذباً في واشنطن و تل أبيب بالمجد و اعتلاء قمة النفوذ في المنطقة من خلال احتضان و تمويل و دعم تنظيمات الإخوان المسلمين و من خرجوا من رحمه في القاعدة و داعش و حماس و بيت المقدس، على حساب تنمية و استقرار و ازدهار شعبه  !

نعم .. مازال هناك من قاصري النظر من يحصرون علاقتنا بما يحدث في ليبيا و سوريا و العراق بما حدث في الماضي من حماقات القذافي و صدام حسين و الأسد و مواقفهم العدائية تجاه مصر بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، و من يحصرون علاقتنا بالسودان و إثوبيا في محاولة اغتيال مبارك في تسعينيات القرن الماضي، و من يحصرون علاقتنا بالكويت في خطابات كراهية جوفاء لنائبة حمقاء في مجلس الأمة الكويتي، بل و من يريدون اختزال علاقتنا بالقضية الفلسطينية في مرتزقة حماس و من يقف ورائهم في أنقرة و الدوحة !

و يجب على كل هؤلاء، و هم و إن كانوا قلة و لكنهم يمتلكون العديد من المنابر و الكثير من مكبرات الصوت،  أن يدركوا أن العلاقات الاستراتيجية السياسية و الاقتصادية و العسكرية و الأمنية و روابط الدم و اللغة و الدين و التاريخ المشترك و المصير الواحد لا تحكمها الأوضاع المؤقتة أو التصرفات الشخصية أو مصالح المرتزقة و خيانة العملاء، ففي النهاية يزول كل هؤلاء و تحياالأمم و تبقى الشعوب لتواجه التحديات المشتركة و التهديدات الخطيرة التي تستلزم منا جميعاً البقاء جنباً إلى جنب و أن يكون لدينا الإدراك الكافي لحقيقة أن قوة كل منا هي في وحدتنا و تقبل اختلافاتنا في إطار المصلحة العليا لنا جميعاً ..


في النهاية ..

رغم كل دعوات الكراهية و الغضب ..

رغم كل الحماقات و المؤامرات ..

رغم خيانة العملاء و حقارة المرتزقة ..

 ما أنا على يقين كامل منه، هو أنه حين يعود الزمن، سنشارك بن بيلا و رفاقه الثورة من جديد من أجل استقلال الجزائر، و سوف نرسل الأطباء و المهندسين و المعلمين على نفقتنا من أجل مساعدة قطر و السودان و اليمن و غيرهم من الدول العربية التي مدت إليها مصر يد العون لنأخذ بأيديهم جمبعاً نحو النمو و التقدم ..

نعم.. سوف نرسل قواتنا من جديد إلى الكويت لتستعيد استقلالها و حريتها، و سوف  نقدم الدعم للجيش العراقي في شط العرب ليحقق النصر على ملالي إيران الذين مازالوا يسعون لتدمير كل ما هو عربي و تنصيب مرشد ثورتهم إلها يعبده الجميع، و سوف نحارب من جديد في فلسطين لطرد الصهاينة و استعادة الأقصى و حيفا و الخليل و أريحا و القدس بأكملها شرقية و غربية، و سوف ندفع بدباباتنا إلى قلب سيناء دون غطاء جوي في أكتوبر حتى لا تسقط دمشق العروبة في الجانب الآخر من المعركة!  

نعم .. هذه هي مصر و هذا هو قدرها و هذه هي مواقفها ..

أحبها للموقف الجليل
من شعبها وجيشها النبيل
دعا الى حق الحياة
لكل من فى ارضها
وثار فى وجه الطغاة
يا مصر يا مهد الرخاء
يا منزل الروح الأمين
أنا على عهد الوفاء
في نصرة الحق المبين

نعم .. هذه هي مصر التي في خاطري ..

No comments:

Post a Comment