إيهاب الشيمي
كما هي العادة، و مع كل استحقاق انتخابي و دستوري منذ ثورة يناير تبرز الأصوات المنادية بالمشاركة الفعالة من أجل مستقبل الوطن، و تبرز في المقابل أصوات أخرى تنادي بالمقاطعة من أجل بناء ذلك المستقبل على أسس سليمة على رأسها سلامة قواعد العملية الانتخابية ذاتها، و دستورية التشريعات التي ستحكم تلك العملية، و تخلق آليات الرقابة التي ستضبط أداء من ستفرزهم من نواب للشعب، و آليات رقابتهم في المقابل لأداء الرئيس و الحكومة.
و طوال السنوات الماضية كان للمقاطعة أوقاتها التي كان يجب فيها اللجوء إليها، و أسبابها التي تجيز استخدامها كسلاح ضد من يريدون احتكار خيار الشعب، أو من يريدون حصره بين عودة رموز النظام البائد، أو القبول بفاشية دينية تغير ملامح الوطن.
أما اليوم، فبناء الوطن على أسس سليمة يوجب على الجميع المشاركة في اختيار من سيرسمون مستقبله، و لن أدعي ان ذلك الخيار سيكون الأمثل، فالتجربة البرلمانية الأولى بعد الإطاحة بفاشيتين ستكون بلا شك مليئة بالأخطاء و شوائب النظام البائد، و المخاوف و التشكيك في النوايا، بل و الفزع من فكرة عودة الإسلام السياسي من جديد إلى المشهد من خلال أصوات البسطاء و الموالين للجماعة المحظورة !
و في ظل إهمال منظومة الإعلام الحكومي لتوعية الناخبين بقواعد العملية الانتخابية و دهاليز النظام المختلط للقوائم و الفردي، و فشل المرشحين و الأحزاب على السواء في التواصل مع الناخبين ليتعرفوا على خلفياتهم السياسية و انتماءاتهم الأيديولوجية و رؤيتهم الخاصة لدور البرلمان الجديد، فلم يكن أمام جموع الناخبين إلا خيارين، الأول هو إيثار السلامة و تجنب عناء الوقوف في طابور الانتخاب للتصويت لمن لا يعلمون عنهم شيئاً، أو أن يبذلوا قصارى جهدهم لاستبعاد من يعلمون فسادهم، ثم الاختيار عشوائياً من بين من تبقوا بافتراض إخلاصهم، و نبل الأهداف التي سعوا من أجلها لخوض غمار المعترك الانتخابي، و انتفاء خدمتهم لمصالح خفية أو أطراف خارجية !
و هكذا عزيزي القارئ يمكنك تفهم أسباب عزوف الكثيرين عن النزول لصناديق الاقتراع، و انخفاض نسبة التصويت لمعدلات هي الأقل من بين جميع الاستحقاقات الانتخابية التي تلت ثورة يناير، باستثناء النسبة المثيرة للسخرية لمجلس شورى الإخوان التي لم تتجاوز 3% في عام 2012
و لكن ما يعنيني هنا في حقيقة الأمر ليس الدفاع عن العملية الانتخابية، أو تبرير انخفاض نسبة التصويت من عدمه كما اوضحت سلفاً، و لكن ذلك الموقف الغريب لتلك النخب السياسية و الأحزاب العقيمة، و التحالفات الواهية لمن مازالوا يتمسحون بثورة يناير و أهدافها النبيلة، و أدمنوا السخرية من كل ما هو مطروح على الساحة، و الهجوم على كل شئ بما في ذلك الوطن نفسه !
و لكل هؤلاء ممن وجدوا في ضعف الإقبال على التصويت فرصة ليعودوا للمشهد من جديد، أقول ..
أنكم كما فشلتم في استغلال ثورة يناير للتحرر من قيود السلطة و التواصل مع الشعب و تطلع الجميع لمستقبل أفضل ..
و كما فشلتم في كبح جماح شهوتكم للقمة و رفض الانضمام لتحالفات و كيانات كبرى قد يقودها غيركم فأسهمتم بذلك في تسيد الإخوان للمشهد ..
و كما انسقتم وراء عملية سياسية تحالف فيها الإسلام السياسي مع المجلس العسكري بحجة إنقاذ البلاد ، و وقفتم في فيرمونت بكل سذاجة لتناصروا الشيطان ضد من لا يقل عنه إفسادا ليتمخض مسعاكم في النهاية عن برلمان يرأسه الكتاتني و وطن يحكمه مسخ ليس له من سيد سوى مرشده، و لا يدين بالولاء لأحد سوى جماعته ..
و كما تركتم الشهداء يتساقطون في الاتحادية بينما جلستم على مائدة من تخضبت يديه بدمائهم لتطالبوه على استحياء أن تتوقف ميليشياته عن ممارساتها الإجرامية ضد شعب بأكمله ..
و كما رفضتم الاستماع لأصوات العقلاء و المخلصين بضرورة خلق كيانات تمثل الثورة و تطرح رؤية واضحة للمستقبل و تؤسس لمشاركة شعبية قائمة على التواصل الحقيقي مع الجميع بدلاً من الصراخ برفض كل شئ و المخاطرة بوحدة و سلامة الوطن دون طرح البدائل ..
ها أنتم من جديد تصرون اليوم على دفن عاركم و خزيكم المتمثل في غيابكم الكامل عن المشهد الانتخابي في حفرة التبريرات الساذجة، من خلال ربط ضعف نسب التصويت بحجم التأييد الشعبي للرئيس في معادلة لا ترتبط على الإطلاق بأي منطق سياسي ..
ها أنتم تبررون العزوف الشعبي عن النزول لصناديق الاقتراع بحالة السخط الشعبي من أداء الحكومة منذ تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم بالرغم من أن تلك الانتخابات هي من ستأتي ببرلمان سيمنح الشعب، و لو بصورة تفتقد الكمال المنشود، الفرصة للرقابة على أداء تلك الحكومة لرفع اسباب ذلك السخط !
ها أنتم ترفضون الاعتراف أن سيطرة رموز الوطني على المشهد ليس لتواطؤ السلطة معهم، أو لحنين الشعب الذي خرج عليهم في يناير إلى ممارساتهم الفاسدة، أو لحاجة البسطاء لما يشترون أصواتهم به، و لكن لأنكم لم تكونوا هناك من الأساس حيث أرادكم الشعب كي يختاركم بدلاً عنهم !
يا من تدعون ملكية الثورة، و نخبوية الفكر، و نقاء السريرة، و إخلاص النية من أجل الوطن .. أنتم لا تقلون حاجة للإصلاح عمن تهاجمونهم ..
و كما أن مستقبل مصر لن يبنيه فلول الوطني و أذناب الإخوان، فلن يكون لكم بالتأكيد أي نصيب كذلك في بنائه، فالمستقبل ملك فقط للمخلصين دون غرض.
ما ينقصكم فقط لتدركوا ذلك هو .. أن تنظروا لأنفسكم في مرآة الوطن !
كما هي العادة، و مع كل استحقاق انتخابي و دستوري منذ ثورة يناير تبرز الأصوات المنادية بالمشاركة الفعالة من أجل مستقبل الوطن، و تبرز في المقابل أصوات أخرى تنادي بالمقاطعة من أجل بناء ذلك المستقبل على أسس سليمة على رأسها سلامة قواعد العملية الانتخابية ذاتها، و دستورية التشريعات التي ستحكم تلك العملية، و تخلق آليات الرقابة التي ستضبط أداء من ستفرزهم من نواب للشعب، و آليات رقابتهم في المقابل لأداء الرئيس و الحكومة.
و طوال السنوات الماضية كان للمقاطعة أوقاتها التي كان يجب فيها اللجوء إليها، و أسبابها التي تجيز استخدامها كسلاح ضد من يريدون احتكار خيار الشعب، أو من يريدون حصره بين عودة رموز النظام البائد، أو القبول بفاشية دينية تغير ملامح الوطن.
أما اليوم، فبناء الوطن على أسس سليمة يوجب على الجميع المشاركة في اختيار من سيرسمون مستقبله، و لن أدعي ان ذلك الخيار سيكون الأمثل، فالتجربة البرلمانية الأولى بعد الإطاحة بفاشيتين ستكون بلا شك مليئة بالأخطاء و شوائب النظام البائد، و المخاوف و التشكيك في النوايا، بل و الفزع من فكرة عودة الإسلام السياسي من جديد إلى المشهد من خلال أصوات البسطاء و الموالين للجماعة المحظورة !
و في ظل إهمال منظومة الإعلام الحكومي لتوعية الناخبين بقواعد العملية الانتخابية و دهاليز النظام المختلط للقوائم و الفردي، و فشل المرشحين و الأحزاب على السواء في التواصل مع الناخبين ليتعرفوا على خلفياتهم السياسية و انتماءاتهم الأيديولوجية و رؤيتهم الخاصة لدور البرلمان الجديد، فلم يكن أمام جموع الناخبين إلا خيارين، الأول هو إيثار السلامة و تجنب عناء الوقوف في طابور الانتخاب للتصويت لمن لا يعلمون عنهم شيئاً، أو أن يبذلوا قصارى جهدهم لاستبعاد من يعلمون فسادهم، ثم الاختيار عشوائياً من بين من تبقوا بافتراض إخلاصهم، و نبل الأهداف التي سعوا من أجلها لخوض غمار المعترك الانتخابي، و انتفاء خدمتهم لمصالح خفية أو أطراف خارجية !
و هكذا عزيزي القارئ يمكنك تفهم أسباب عزوف الكثيرين عن النزول لصناديق الاقتراع، و انخفاض نسبة التصويت لمعدلات هي الأقل من بين جميع الاستحقاقات الانتخابية التي تلت ثورة يناير، باستثناء النسبة المثيرة للسخرية لمجلس شورى الإخوان التي لم تتجاوز 3% في عام 2012
و لكن ما يعنيني هنا في حقيقة الأمر ليس الدفاع عن العملية الانتخابية، أو تبرير انخفاض نسبة التصويت من عدمه كما اوضحت سلفاً، و لكن ذلك الموقف الغريب لتلك النخب السياسية و الأحزاب العقيمة، و التحالفات الواهية لمن مازالوا يتمسحون بثورة يناير و أهدافها النبيلة، و أدمنوا السخرية من كل ما هو مطروح على الساحة، و الهجوم على كل شئ بما في ذلك الوطن نفسه !
و لكل هؤلاء ممن وجدوا في ضعف الإقبال على التصويت فرصة ليعودوا للمشهد من جديد، أقول ..
أنكم كما فشلتم في استغلال ثورة يناير للتحرر من قيود السلطة و التواصل مع الشعب و تطلع الجميع لمستقبل أفضل ..
و كما فشلتم في كبح جماح شهوتكم للقمة و رفض الانضمام لتحالفات و كيانات كبرى قد يقودها غيركم فأسهمتم بذلك في تسيد الإخوان للمشهد ..
و كما انسقتم وراء عملية سياسية تحالف فيها الإسلام السياسي مع المجلس العسكري بحجة إنقاذ البلاد ، و وقفتم في فيرمونت بكل سذاجة لتناصروا الشيطان ضد من لا يقل عنه إفسادا ليتمخض مسعاكم في النهاية عن برلمان يرأسه الكتاتني و وطن يحكمه مسخ ليس له من سيد سوى مرشده، و لا يدين بالولاء لأحد سوى جماعته ..
و كما تركتم الشهداء يتساقطون في الاتحادية بينما جلستم على مائدة من تخضبت يديه بدمائهم لتطالبوه على استحياء أن تتوقف ميليشياته عن ممارساتها الإجرامية ضد شعب بأكمله ..
و كما رفضتم الاستماع لأصوات العقلاء و المخلصين بضرورة خلق كيانات تمثل الثورة و تطرح رؤية واضحة للمستقبل و تؤسس لمشاركة شعبية قائمة على التواصل الحقيقي مع الجميع بدلاً من الصراخ برفض كل شئ و المخاطرة بوحدة و سلامة الوطن دون طرح البدائل ..
ها أنتم من جديد تصرون اليوم على دفن عاركم و خزيكم المتمثل في غيابكم الكامل عن المشهد الانتخابي في حفرة التبريرات الساذجة، من خلال ربط ضعف نسب التصويت بحجم التأييد الشعبي للرئيس في معادلة لا ترتبط على الإطلاق بأي منطق سياسي ..
ها أنتم تبررون العزوف الشعبي عن النزول لصناديق الاقتراع بحالة السخط الشعبي من أداء الحكومة منذ تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم بالرغم من أن تلك الانتخابات هي من ستأتي ببرلمان سيمنح الشعب، و لو بصورة تفتقد الكمال المنشود، الفرصة للرقابة على أداء تلك الحكومة لرفع اسباب ذلك السخط !
ها أنتم ترفضون الاعتراف أن سيطرة رموز الوطني على المشهد ليس لتواطؤ السلطة معهم، أو لحنين الشعب الذي خرج عليهم في يناير إلى ممارساتهم الفاسدة، أو لحاجة البسطاء لما يشترون أصواتهم به، و لكن لأنكم لم تكونوا هناك من الأساس حيث أرادكم الشعب كي يختاركم بدلاً عنهم !
يا من تدعون ملكية الثورة، و نخبوية الفكر، و نقاء السريرة، و إخلاص النية من أجل الوطن .. أنتم لا تقلون حاجة للإصلاح عمن تهاجمونهم ..
و كما أن مستقبل مصر لن يبنيه فلول الوطني و أذناب الإخوان، فلن يكون لكم بالتأكيد أي نصيب كذلك في بنائه، فالمستقبل ملك فقط للمخلصين دون غرض.
ما ينقصكم فقط لتدركوا ذلك هو .. أن تنظروا لأنفسكم في مرآة الوطن !
No comments:
Post a Comment