Wednesday, April 20, 2016

البكاء .. على حافة العالم !


إيهاب الشيمي
أريد أن أسير بلا توقف حتى أصل هناك ..  حيث حافة العالم !
حيث لا يوجد شيئ سوى ذلك الأفق اللامتناهي الذي  يعلو تلك الهوة السحيقة ..
نعم .. قد أبدو لك يائساً .. لكني أقاوم بشدة تلك الرغبة الجارفة في إلقاء نفسي داخل غياهب تلك الهوة التي تبدو وكأنها بلا نهاية لأستمتع و أنا مستلقٍ على وسائد سحب الصمت بصوت احتكاك الهواء بجسدي المتهاوي في استسلام تام، وكأنه سعيد باقتراب خلاصه من كل هموم العالم التي يحملها ..
ها هو التوتر يملأ المشهد و انا أقطع تلك الخطوات القليلة التي تفصلني عن التحرر من كل شئ ..
ها هو العالم من خلفي لا يكترث لي و أنا أقف في مواجهة تلك الهوة السحيقة المظلمة ..
ها هي عيناي تنظر إلى ظلمات الهوة الموحشة ثم ترتفع في بطءٍ شديد إلى ذلك الضوء الخافت الذي يحاول اختراق ضبابية الأفق البعيد ..
نعم لم يمض على وجودي هنا سوى لحظات، لكنها تبدو وكأنها الدهر بأكمله ..
ها أنا ذا أصرخ .. و أصرخ .. و أصرخ ..
ثم أصرخ ثانيةً حتى تكاد تنفجر أوداجي و تفشل قدماي في حملي لأسقط جاثياً على الأرض ..

 من جديد، يعود الصمت ليسيطر على كل شئ حتى أكاد أسمع صوت انسياب قطرات دموعي الحارقة التي تسيل ببطءٍ من جانب عيني و كأنها تحاول تخليص جسدي من حرارة ذلك البركان الهائل الذي يثور بداخله ..
ها هي تلك القطرات  تتخذ طريقها ببطءِ شديد كالحمم المنصهرة لتلتقي جميعاً في أنهار  ملتهبة أكبر حجماً و أكثر سخونة حتى يمكنها اختراق وديان مشاعر الغضب و الضيق التي تملأ ذلك الوجه المنهك لتسقط في النهاية على أرضية الحافة الصخرية الباردة الصماء و تصطدم بها في عنف لتتناثر و تتفرق من جديد ..
ها أنا ذا أنظر إلى جسدي الممدد هناك و يداي اللتان تتدليان من طرف حافة العالم ..
لا .. لست فاقداً للوعي .. لكني كذلك لا أشعر بما حولي و من حولي ..
لا شئ هناك أستطيع تمييزه سوى أصوات انفاسي التي يبدو هي الأخرى أنها استنفذت كل ما لديها من قوة فباتت أكثر هدوءاً و أقل تسارعاً ..
قد أبدو لك مجنوناً، ولكن بغرابة شديدة،  يغمرني الآن الشعور بالراحة ..
قد يكون شعوراً مؤقتاً أو مريباً بالتأكيد .. لكنه يظل في النهاية جميلاً رغم كل شيئ !
ها أنا ذا أقف من جديد و لكن ليس لأخطو تلك الخطوة الأخيرة، و لكن لأستدير عائداً من حيث أتيت بينما يصطدم بأذني صوت نحيب الهوة المكتوم وهي تحاول جاهدةً أن تمد ذراعيها لتجتذبني للسقوط في غياهبها من جديد ..
نعم، قد يبدو لك المشهد مرعباً، ولكنه ليس كذلك بالنسبة لي الآن، فستصيبك الدهشة حين تتمكن من  رؤية تلك الابتسامة الماكرة على وجهي و أنا أرى أذرع الهوة وهي تفشل المرة تلو الأخرى في التشبث بأطراف ردائي لتسقط في النهاية خاوية الوفاض إلى القاع الذي لا يبدو أنه موجود هناك من الأساس ..

نعم، لقد انتصرت اليوم ..
يمكنني الآن أن أبتسم مجدداً، و لو ليوم واحد فقط، في وجوه من تذكرت أنهم مازالوا يكترثون لأمري في هذا العالم الموحش ..
أولئك الذين منحوني الأمل حتى لا ألقي بنفسي من أعلى حافة العالم !

No comments:

Post a Comment