Tuesday, January 7, 2020

الحرب العالمية .. فيما وراء الحدود الليبية !!


إيهاب الشيمي:
" ليبيا إيه بس ووجع قلب إيه اللي السيسي والحكومة شاغلين نفسهم بيها دي؟

 ما تخلونا في حالنا وبلدنا يا جدعان !! 

وبعدين هو حد فاهم حاجة؟ 

دة كله سمك .. لبن .. تمر ليبي يا مولانا !!"

إذا كنت من هؤلاء فلا أرى أنه من الصواب أن تقوم بمتابعة قراءة السطور التالية .. مع نصيحتي بإمكانية تقضية وقت ممتع بمتابعة مباراة كأس إنجلترا الليلة بين قطبي مدينة مانشستر!

 وإذا كان الأمر ليس كذلك، فأنت بالتأكيد ممن أصابتهم الحيرة، و الغضب أحياناً، حين لم يجدوا إجابة شافية للتساؤلات التالية: هل نؤيد "المؤتمر الوطني العام"، أم نساند "مجلس النواب"؟  . ما الفارق بين قوات "درع ليبيا"، و قوات "عملية الكرامة"؟  .. ومن هو رئيس الحكومة، وعن أي حكومة نتحدث؟ حكومة الإنقاذ، أم الحكومة المؤقتة، أم حكومة الوفاق؟  ولماذا تتدخل قطر وتركيا؟ وما هو اتفاق الصخيرات؟ وما علاقة مصر بكل ذلك العبث ونحن غارقون أصلاً في مشاكلنا الاقتصادية والأمنية؟ والسؤال الأهم: " هو احنا فعلاً هنحارب؟!!"

وأستطيع هنا تفهم مواجهتك للكثير من الصعوبات في قراءة المشهد الليبي منذ اندلاع ثورة السابع عشر من فبراير 2011 ضد القذافي، وحتى يومنا هذا، فاختلاط الأوراق، وتداخل المصالح، وتعدد السلطات، وتبدل المواقف، وكثرة المعسكرات جعلت الموقف يبدو للكثيرين مبهماً وعصياً على الفهم.

كان ذلك هو حال معظم المصريين في نهاية عام 2014، بعد تداول معظم وكالات الأنباء لأخبار امتداد المعارك الشرسة بين الفصائل الليبية المتناحرة إلى قلب العاصمة طرابلس وتدمير المطار، وما تردد من تدخل بعض دول الجوار، ومن بينها مصر، عسكرياً في ليبيا لمساندة أطراف بعينها، وهو تماماً حال المصريين الآن في ظل احتدام معركة طرابلس و ميل موازين القوى تجاه الجيش الوطني الليبي  بقيادة المشير حفتر، و تدخل تركيا من خلال اتفاق التعاون مع حكومة السراج، و ضبابية مواقف واشنطن و موسكو و باريس و روما بل و حتى الجزائر و الرباط!

و لكي نستطيع سوياً الإجابة على كل تلك التساؤلات ببساطة و دون تعقيد فدعني أطلب منك أن تمنحني تركيزك الكامل في السطور القادمة، و لن أمانع إذا تطلب منك الأمر أن تحذو حذو سمير غانم في مسرحية المتزوجون حين "ربط دماغه عشان ما تضربش" و أن تجهز فنجاناً كبيراً من القهوة ليساعدك على استيعاب الأمر بشكل أفضل !

أصل الحكاية يرجع للأيام الأولى للثورة، حين قرر الثوار الإعلان عن تشكيل "المجلس الوطني الانتقالي" في فبراير 2011 وقبل سقوط القذافي ليكون ذلك المجلس بمثابة الممثل الشرعي للثورة والمتحدث بإسمها داخلياً وخارجياً، كما أنه سيكون بمثابة الحكومة المؤقتة التي ستتولى إدارة الأمور في حال سقوط القذافي. و تولى رئاسة "المجلس الوطني الانتقالي" حينها "مصطفى عبد الجليل" و هو وزير العدل الذي انشق عن نظام القذافي، و هو منصب يعادل منصب رئيس الجمهورية، و كان هناك منصب آخر على درجة كبيرة من الأهمية تحت مسمى رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الوطني الانتقالي و هو  يعادل منصب رئيس الوزراء، و تولاه حينها "محمود جبريل" و هو أحد أعلام إصلاح الاقتصاد الليبي و من أسس المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي  في ليبيا على خلفية عمله كأستاذ للاقتصاد بجامعات الولايات المتحدة، و كان قد انشق أيضاً عن القذافي في 2009 و هو متزوج من ابنة وزير الداخلية المصري الأسبق "شعراوي جمعة" و حصل على درجته الجامعية في الاقتصاد و العلوم السياسية من جامعة القاهرة.

المنصب الثالث، والأكثر أهمية في نظري، هو منصب ممثل المجلس الوطني الانتقالي في فرنسا وأوروبا، والذي نجح في انتزاع اعتراف الدول الأوروبية وحلفائها بالمجلس كممثل للشعب الليبي في أحلك لحظات الصراع مع القذافي، وتولى هذا المنصب "علي زيدان" وهو أحد المعارضين الراديكاليين للقذافي منذ 1980 وأحد المنضمين والمؤسسين للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا حينها.

تولى المجلس الوطني الانتقالي السلطة بعد سقوط القذافي، وسلم السلطة في أكتوبر 2011 إلى حكومة انتقالية برئاسة "عبد الحكيم الكيب" وهو ليبي حاصل على الجنسية الأمريكية، وأستاذ في الهندسة في جامعات الولايات المتحدة الأمريكية، وقامت هذه الحكومة بإعداد كل ما يلزم من إجراءات تضمن إعلان قيام الأحزاب وتنظيم كل ما يتعلق بإجراء عملية انتخابية ديمقراطية في جميع أرجاء ليبيا لانتخاب "المؤتمر الوطني العام" أو ما قد نسميه نحن في مصر "البرلمان" أو "مجلس الشعب".

وبالفعل تم انتخاب أعضاء "المؤتمر الوطني العام" في 7 يوليو 2012، وتولى سلطاته التشريعية والرقابية رسمياُ في اغسطس 2012، وهو تقريباً نفس التوقيت الذي تولى فيه مرسي رئاسة الجمهورية في مصر.  وانقسم “المؤتمر الوطني العام" بين معسكرين، الأول معسكر القوى الليبرالية والمدنية بزعامة "تحالف القوى الوطنية" الذي يقوده "محمود جبريل"، والمعسكر الآخر الذي يمثل الإسلاميين واليمين المتطرف بزعامة " حزب العدالة والبناء" الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين" في ليبيا، وتم انتخاب "محمد المقري" أميناً عاماً للمؤتمر، وهو أحد المنشقين عن القذافي في 1980 أثناء توليه منصب سفير ليبيا لدى الهند.

و كما تلاحظون، فإن المشهد حتى الآن يقوده المنتمون إلى التيارات الوطنية و الليبرالية، و هو ما دفع الإسلاميين للسعى الحثيث منذ اللحظة الأولى بقيادة " حزب العدالة والبناء"  إلى محاولة السيطرة على الأمور داخل "المؤتمر الوطني العام"، من خلال تفصيل نص لمشروع العزل السياسي الذي مكنهم من ضم "المقري" لقائمة من يجب عزلهم بحجة توليه منصب سفير في نظام القذافي قبل انشقاقه، و تمكنوا في 24 يونيو 2013 من تنصيب "نوري أبو سهمين"  أميناً عاماً للمؤتمر بدلاً منه، و هو شخص يمكنهم بسهولة السيطرة عليه لضعف خبرته السياسية، و بالتالي التحكم في  شكل الدستور الجديد الذي سيشرف "ابو سهمين" على إعداده بصفته أميناً عاماً.

وحيث أن من مهام "المؤتمر الوطني العام" أيضاً تعيين رئيس حكومة جديد للبلاد، فلقد تم التصويت في نوفمبر 2012 على مرشحين اثنين لرئاسة الوزراء، وفاز بالتصويت "علي زيدان" المدعوم من الليبراليين بأغلبية 93 صوتاً ضد "محمد الحراري" المدعوم من الإسلاميين وحصل على 85 صوتاً فقط. وكان ذلك بمثابة إعلان فشل جديد للإسلاميين في مسعاهم للانفراد بالسلطة كما فعلوا في مصر وتونس. ولم يهدأ للإسلاميين بالاً فأخذوا يضعون العراقيل أمام "زيدان" ليزيحوه من السلطة، ووصل الأمر لدرجة اختطاف "زيدان" نفسه ثم إطلاق سراحه في 10 أكتوبر 2013 على يد ميليشيات "غرفة عمليات ثوار ليبيا" وهي ميليشيا إسلامية مدعومة من الإخوان المسلمين المدعومين من قطر و تركيا و إدارة أوباما في ليبيا أيضاً.

و في إطار سعي الإخوان المسلمين، للسيطرة على المشهد بشكل كامل، فقد عملوا جاهدين على إيهام الجميع برغبتهم في ضم الميليشيات المسلحة إلى الجيش الليبي ليصبحوا بمثابة حصان طروادة في أية ترتيبات لتسوية الوضع، و طلبوا من "زيدان" العمل على ذلك و إعلانه، و بالفعل تم إعلان ضم ما يعرف بميليشيات "درع ليبيا" إلى الجيش ، بالرغم من أن هذه الميليشيات التابعة لهم و لحلفائهم مقسمة فعلياً لثلاث أفرع رئيسية  (الشرق و الوسط و الغرب)، و بالرغم كذلك من بقاء ولاء هذه الميلشيات لقادتها و ليس لقادة الجيش او للحكومة المركزية.

وفي خطوة غير مسبوقة، قام الإخوان وحلفاؤهم الإسلاميون في "المؤتمر الوطني العام" بعزل "زيدان" وتعيين وزير الدفاع "عبد الله الثني" قائماً بأعماله في 11 مارس 2014، في جلسة صورية للمؤتمر حضر خلالها 76 عضواً فقط من أصل 200 عضواً، لم يصوت منهم لصالح اختيار الثني سوى 42 نائباً فقط! ولم يهدر الإخوان تلك الفرصة فسارعت ميلشيات "درع ليبيا" والمتحالفين معها من ميليشيات "أنصار الشريعة" المتحالفة مع تنظيم القاعدة، الداعم الرئيسي و الممول لتنظيم المرابطين الذي أسسه هشام عشماوي في ليبيا،  وعبد الحكيم بلحاج الممول من قطر، و "مجلس شورى ثوار بنغازي" لإعلان تأييدها لقرارات المؤتمر الوطني العام في تحد واضح لسلطة الحكومة المركزية وتجاهل واضح لعدم قانونية عملية التصويت، ووسط تعتيم إعلامي كامل من الإعلام الغربي عن خلفية علاقة تلك الميليشيات باغتيال السفير الأمريكي في بنغازي في عام 2012!

المثير للدهشة هنا، هو أن عبد الله الثني تولى مقاليد الحكومة بشكل رسمي مع بداية أبريل 2014، إلا أنه أعلن استقالته بعدها بأسبوعين فقط نتيجة تعرضه لضغوط من جماعات مسلحة هاجمت منزله وأسرته بغرض فرض أسماء معينة على تشكيل الحكومة تضمن سيطرة الإسلاميين عليها، وفي أعقاب تلك الاستقالة طلب منه المؤتمر الوطني الاستمرار كرئيس مؤقت للحكومة لحين انتخاب رئيس وزارة جديد. في تلك الأثناء، لم يهدر "أبو سهمين" الوقت وسارع بالترتيب لجلسة في الخامس من مايو 2014 أعن فيها تنصيب رجل الأعمال المدعوم من الإسلاميين "أحمد المعيتيق" رئيساً جديداً للحكومة بفضل أصوات 113 نائباً فقط وهو ما يقل عن النصاب القانوني اللازم لتنصيب رئيس جديد للحكومة و البالغ 120 صوتاً!

في أعقاب تلك المهزلة الدستورية، أصدرت المحكمة العليا في طرابلس حكماً ببطلان انتخاب المعيتيق و بقاء الثني رئيساً لحكومة تسيير الأعمال لحين التوافق على اسم جديد.

و وسط كل هذه الأمواج التي تلاعبت بالسفينة الليبية، خرج اللواء المتقاعد "خليفة حفتر" في مايو 2014 ليعلن القيام بعملية واسعة عرفت بعملية "الكرامة" للحفاظ على وحدة الأراضي الليبية واستعادة هيبة الحكومة و الجيش الليبيين، من أيدي الميليشيات الإسلامية ، و كان من الطبيعي أن يعلن الوطنيون الليبيون و القبائل الرئيسية، و كتائب و وحدات الجيش الليبي  و على رأسها كتائب القعقاع و الصواعق، و كذلك الأفرع الرئيسية من القوات الجوية و البحرية بالإضافة لقوات وزارة الداخلية  و مديريات الأمن تحالفهم مع "حفتر" في إطار عملية "الكرامة" لينضم إليهم كذلك ثوار الزنتان الأشداء في الجبل الغربي و الذين يسيطرون على مطار طرابلس منذ اندلاع الثورة ضد نطام القذافي، و لكن التأييد الأهم جاء من عبد الله الثني نفسه الذي أعلن في مؤتمر صحفي دعمه لمحاربة الإرهاب، وتحميل المؤتمر الوطني العام مسؤولية الفشل في بناء الجيش والشرطة في ليبيا.

و يبدو أن الإسلاميين، وسط انشغالهم بكل هذه المعارك السياسية و المؤامرات الخفية، لم يلحظوا أن الفترة القانونية "للمؤتمر الوطني العام" قد انتهت و أنه قد وجب إجراء انتخابات جديدة لانتخاب "مجلس النواب" الذي سيتولى مقاليد الأمور، و بالفعل قرر هؤلاء أن يحلوا كل مشاكلهم من خلال تشكيل لجنة أسموها "لجنة فبراير" تعمل على الإعداد لانتخابات برلمانية جديدة تسمح بإعادة تشكيل المؤتمر الوطني بأغلبية موالية لهم، بل وانتخاب رئيس جديد للبلاد من خلال الاقتراع السري المباشر بما يمكنهم من السيطرة بشكل كامل على مقاليد الأمور. و بالفعل، أصدرت اللجنة توصياتها و تم الحصول على دعم الأمم المتحدة و الاتحاد الأفريقي و الاتحاد الأوروبي و جامعة الدول العربية لمراقبة الانتخابات و ضمان نزاهتها، إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهي سفن الإسلاميين و حلفائهم، فلقد جاءت نتيجة الانتخابات لتشكل صدمة مدوية في يوليو 2014 بإعلان حصولهم على 23 مقعداً فقط من أصل 200 مقعد ذهبت غالبيتها للليبراليين و ممثلي القبائل و المستقلين، و وجب حينها تسليم السلطة للمجلس المنتخب الجديد، و هو ما رفضه "المؤتمر الوطني العام"، و ميليشيات "درع ليبيا" و حلفائهم المتمثلين في هيئة علماء ليبيا بقيادة المفتي صادق الغرياني، و حزب العدالة و البناء، و تحالف "أنصار الشريعة" في انقلاب تام على الشرعية رافقه رفضهم لعملية "الكرامة" بقيادة حفتر.

في أعقاب ذلك الرفض، خطط الإسلاميون لمؤامرة تمكنهم من شرعنة تحركاتهم، فقامت ميليشياتهم بعملية كبرى في طرابلس يوم 23 أغسطس 2014 سيطروا من خلالها على مطار طرابلس و معظم أجزاء المدينة، و في مسرحية هزلية، طالب قادة تلك الميليشيات المؤتمر الوطني العام بالاجتماع من جديد وإعلان استمرارهم في أعمالهم، رغم انتهاء ولايتهم الدستورية و سقوطهم في الانتخابات التشريعية، و تسمية رئيس حكومة تعمل على انتشال ليبيا من حالة الفوضى و هو ما فعله نواب المؤتمر الوطني العام بالطبع، حيث اجتمعوا يوم 25 أغسطس 2014 و نصبوا أنفسهم من جديد، و أعلنوا قيام حكومة جديدة تحت مسمى "حكومة الإنقاذ" برئاسة خليفة الغويل، و يبدو أن تلك الحكومة التي لم تحظ بأي اعتراف دولي سميت بذلك لإنقاذ الإسلاميين و ليس ليبيا!

نعم عزيز القارئ، أعلم أن الأمر يبدو لك شديد التعقيد، و قد تحتاج العودة من جديد لبداية الأحداث لتراجع العديد من الأسماء و الأحداث و التواريخ، و لكن هذا تماما ما أراده هؤلاء .. أن تتوه أنت وغيرك في دهاليز تلك المتاهة العميقة المظلمة بينما يتمكن تنظيم داعش من التسلل وسط كل تلك الفوضى ليحاول السيطرة على "الهلال النفطي" الممتد بطول 500 كيلومتر بين بنغازي وطرابلس بتواطؤ واضح من ميليشيات "مصراتة" وفجر ليبيا والتي تركت درنة ومدينة سرت لقمة سائغة لمقاتلي داعش الذين أصبحوا في مواجهة الجيش الوطني الليبي بينما تتفرغ تلك الميليشيات لرحلة التوجه إلى طرابلس لحمايتها من أي هجوم محتمل لقوات الجيش الوطني لإسقاط المؤتمر الوطني و تشتيت ميليشياته، والأهم وهو فتح جبهة جديدة لتنظيم داعش يمكنه من خلالها القيام بعمليات ضد الجيش المصري في الغرب، كما هو الحال في سيناء إلى الشرق، ليمكن في النهاية إنهاك قوة المصريين و بث الفوضى من جديد بما يسمح بإعادة إحياء تنظيم الإخوان هناك بعد نجاح المصريين في الإطاحة به في يونيو 2013!

واستجابة لكل تلك التهديدات، كان على مصر التحرك سريعاً للتأكيد على شرعية مجلس النواب الليبي و الجيش الليبي و حكومة الثني وقطع الطريق على محاولات الإخوان الاستيلاء على السلطة، وهو ما تم في اليوم التالي مباشرة و تحديداً في 26 أغسطس 2014 من خلال لقاء الرئيس السيسي و وزيري الدفاع و الخارجية المصريين بالسيد عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، و وزير الخارجية في حكومة الثني، و عبدالرازق الناظوري رئيس أركان الجيش الليبي المعين من قبل مجلس النواب، و إعلان الدعم الكامل للشعب و المؤسسات الشرعية في ليبيا.

في أعقاب ذلك اللقاء في القاهرة، وتحديداً  في في 22 سبتمبر 2014، أعلن مجلس النواب الليبي عدم اعترافه بما يسمى "حكومة الإنقاذ" أو شرعية بقاء المؤتمر الوطني العام، وصوت بالإجماع على اعتبار حكومة عبد الله الثني هي الحكومة الشرعية الوحيدة المعترف بها من نواب الشعب الليبي على أن يكون مقرها مدينة البيضاء شرق ليبيا وإعلان الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر الهيئة العسكرية الشرعية الوحيدة التي يحق لها حماية الأراضي الليبية وحمل السلاح.

ولم يجد المؤتمر الوطني من مفر تجاه تلك التطورات سوى الإيعاز لميليشياته بتهديد قضاة المحكمة الدستورية وحصار منازلهم ومقر المحكمة لإجبارهم على إصدار قرار في 6 نوفمبر 2014 بعدم دستورية حكومة الثني وبطلان الانتخابات التي أتت بمجلس النواب الجديد، وهو الحكم الذي رفضته لجنة فبراير التي شكلوها بأنفسهم حيث أكدت شرعية مجلس النواب الجديد!

و لم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل تطور بعد ذلك بثلاثة أشهر ليفاجأ الجميع بمشهد ذبح تنظيم داعش لما يزيد عن عشرين مصرياً في تحدٍ واضح لمصر للضغط على الحكومة المصرية للتوقف عن مساندة مجلس النواب و الجيش الليبي في مواجهة تحالف الإخوان و داعش ضدها في ليبيا، و هو ما جاء بنتيجة عكسيةٍ تماما حيث قامت مصر بضربات جوية مكثفة ضد التنظيم داخل ليبيا و زادت من دعمها للشرعية هناك سياسياً و عسكرياً بما سمح لقوات الجيش الليبي من تحقيق انتصارات مفصلية في معركة تحرير بنغازي.

وسط كل تلك الفوضى، وجدت القوى الاستعمارية والمتمثلة في فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة، وبريطانيا بالطبع، أن الأمور تستوجب التدخل، و في مشهد مكرر و معتاد أعلنت الأمم المتحدة تعيين مبعوث إلى ليبيا لبدء العمل لصياغة اتفاق لإنهاء الصراع، و بالطبع كان الهدف المعلن هو حقن دماء الليبيين و وقف الصراع و ضمان وحدة ليبيا و الحفاظ على ثرواتها و وضع حجر الأساس لعملية سياسية يمكن من خلالها وضع دستور جديد و انتخاب برلمان و رئيس جديدين للبلاد، أما الحقيقة فهي النقيض تماماً، فالمطلوب تحديداً هو التوصل إلى اتفاق يضمن زرع عملاء لتلك الدول يضمنون حصتها من كعكة النفط الليبية ويشرفون على استمرار إمدادات النفط إليها من خلال شركاتها العاملة في ليبيا بالإضافة لوقف موجات الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط، و لا مانع أيضاً من أن يضمنوا كذلك استمرار حالة الفوضى و السيولة السياسية والأمنية و العسكرية التي تسمح بتمدد نفوذ الميليشيات المسلحة نحو الشرق ليزعزعوا الأمن القومي المصري و يستكملوا خطة رسم الشرق الأوسط من جديد في ظل إدارة أوباما و وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون الراعيين الرسميين لجماعة الإخوان المسلمين و جماعات الإرهاب المنبثقة عنها في المنطقة. ولذلك عمدت تلك الدول لدفع الأمور باتجاه فرض اتفاق سياسي يمكن من خلاله وضع كل أولئك الفرقاء في بوتقة واحدة، ولكن تحت قيادة يبدو للجميع أنها مستقلة و لا تتبع أياً من الأطراف الداخلية أو الخارجية، و لكنها في واقع الأمر تستوفي كل شروط العميل المطلوب، ولا مانع لديها من تحقيق كافة بنود المخطط على حساب استقرار ليبيا و دماء ابناءها!

وهكذا عزيزي القارئ وصلت الأمور إلى يوم السابع عشر من ديسمبر من عام 2015 وتحديداً في مدينة الصخيرات المغربية حيث أعلنت الأمم المتحدة اتفاق الأطراف المتناحرة في ليبيا على صيغة تفاهم تضمن البدء في عملية سياسية ووقف الصراع فيما سمي حينه "اتفاق الصخيرات".

ولا أخفيكم سراً أن كل شكوكي حول مؤامرة الدول الكبرى قد تأكدت حين كنت أتابع جلسات الحوار وجولات المفاوضات التي سبقت توقيع الاتفاق، ونوعية الشخصيات التي تم اختيارها من مبعوث الأمم المتحدة لتمثل كل طرف بما في ذلك المؤتمر الوطني والحكومة المؤقتة وحكومة الإنقاذ ومجلس النواب، ومدى انفصال تلك الشخصيات عن الكيانات التي تمثلها واتخاذها قرارات فردية دفعت كل تلك الكيانات لإنكار موافقتها على تلك القرارات ونفي تمثيل تلك الشخصيات لها. فلقد كان واضحاً أن الهدف ليس التوافق، ولكن مجرد وضع أسماء والتقاط صوراً تذكارية توحي بوجود الجميع وتمنح الشرعية للحكومة العميلة.

وقد يجدني البعض مبالغاً بعض الشيء هنا، ولكن ما سأوضحه هنا سيثبت لك عزيزي القارئ أن الاتفاق برمته مجرد وسيلة لترسيخ الفوضى وضمان نجاح المخطط. فاتفاق الصخيرات ينص على وجود ثلاث سلطات تتنازع الحكم فيما بينها ..

- المجلس الرئاسي، وهو سلطة غير منتخبة فرضها الاتفاق على جميع الأطراف ويتكون من سبعة أشخاص على رأسهم فايز السراج بسلطات رئيس الوزراء والقائد الأعلى للقوات المسلحة. وتمتد ولايته لثمانية عشر شهراً فقط تبدأ منذ مارس 2016، و يمكن مدها لستة أشهر فقط لحين انتخاب حكومة جديدة والتوافق على دستور جديد، و لا يحق له إبرام أي اتفاقات دون الرجوع لمجلس النواب !

- مجلس النواب الليبي الشرعي المنتخب في طبرق كممثل للشعب الليبي.

-  المجلس الأعلى للدولة و يتكون من أعضاء المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته في 2014 بصفته مجلس استشاري للمجلس الرئاسي لا بد أن تمر كل قرارات المجلس الرئاسي و مشروعات القوانين و الاتفاقيات الخارجية عليه أولاً للموافقة عليها ثم عرضها على مجلس النواب للموافقة النهائية.

ولكن البند الأهم في هذا الاتفاق هو البند الثامن وهو الذي ينفي عن قيادات الجيش الليبي صفتهم الشرعية التي منحهم إياها مجلس النواب ويعتبر كل المناصب العسكرية شاغرة فور تولي السراج مهام وظيفته واعتماد مجلس النواب لحكومة الوفاق على أن يتولى السراج تعيين قادة الجيش ويعمل على دمج الميليشيات المسلحة تحت قيادته.

ويمكنك بالطبع عزيزي قارئ هذه السطور، أن تكتشف أن الوضع أصبح أكثر سوءاً بعد ذلك الاتفاق، ففي ليبيا الآن رئيس الوزراء فايز السراج بصفته رئيس المجلس الرئاسي، ورئيس وزراء الحكومة المؤقتة عبد الله الثني المعين من مجلس النواب المنتخب ومقرها البيضاء، ورئيس وزراء حكومة الإنقاذ خليفة الغويل المدعوم من المؤتمر الوطني العام الذي يسيطر على مجلس الدولة بالكامل طبقاً لاتفاق الصخيرات. وما زاد الأمر سوءاً هو أن الميليشيات التابعة لحكومة الإنقاذ و من خلفها لمؤتمر الوطني العام و من خلفه الإخوان المسلمين وجدت نفسها فجأة بلا صفة تتيح لها الحصول على التمويل اللازم الذي اعتادت أن تحصل عليه من حكومة الإنقاذ و من عوائد سيطرتها على المنشآت النفطية، وما كانت تتلقاه بالطبع من قطر و تركيا.

و هكذا فرضت هذه الميليشيات حصاراً صارماً حول السراج منذ وصوله إلى طرابلس في مارس 2016 ، و فرضت على وزارة المالية و مصرف ليبيا المركزي منحها المليارات من أموال الشعب الليبي مقابل الإبقاء على سلطة المجلس الرئاسي و حماية طرابلس من استعادة الجيش الليبي لها و دحر الميليشيات، فأصبح السراج مجرد دمية تتلاعب بها القوى الكبرى لتحقيق مصالحها الاقتصادية في ليبيا، و تهددها الميليشيات لتحصل على الغطاء الشرعي اللازم لوجودها كفصائل تابعة، على الورق فقط، لوزارتي الدفاع و الداخلية في حكومة الوفاق لضمان تدفق الأموال على قادتها و مقاتليها، بينما تأتمر بأوامر سادتها في أنقرة و الدوحة و مصراتة.

وسط كل تلك المؤامرات والعقبات  لم يجد الجيش الليبي مفراً من استمرار القتال لاستعادة ليبيا من قبضة الميليشيات الإرهابية و الحكومة المتخاذلة في طرابلس، فاستمرت عملية الكرامة في الشرق الليبي و تم استعادة السيطرة على الهلال النفطي في سبتمبر 2016، و هي السيطرة التي استمرت حتى الآن رغم خيانة حرس المنشآت النفطية و هجوم سرايا الدفاع عن بنغازي على المنطقة في 2017 و هو ما تم إحباطه بفضل تعاون الجيش الليبي مع مصر و الإمارات، بعد نجاح مصر في توفير دعم السعودية و الإمارات لقائده خليفة حفتر، و نجاح مساعيها الدبلوماسية في استمالة الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب نحو اعتبار الجيش الوطني الليبي و قائده لاعباً أساسياً في المعادلة الليبية و مكافحة الإرهاب وضمان أمن موارد ليبيا النفطية، بل و استخدام واشنطن لحق الفيتو ضد مشروع قرار بريطاني مدعوم من قطر و تركيا لوقف عمليات الجيش ضد الميليشيات في جميع أنحاء ليبيا في 3 يوليو 2019.




و هكذا عزيزي القارئ، و بعد خمس سنواتٍ كاملة من الكفاح الوطني للجيش الليبي و دعم أشقائه العرب في مصر و السعودية و الإمارات و دعم الشرفاء من أبناء القبائل الليبية وإيمان كل الأحرار و الوطنيين من أبناء عمر المختار بحقهم و حق وطنهم في مستقبل أفضل، يمكنك الآن النظر من أعلى إلى ليبيا لتجد قوات الجيش الليبي و قد حررت بنغازي و معظم مدن الشرق الليبي بالكامل وصلاً إلى الكفرة جنوباً، و مروراً بالساحل شمالاً من طبرق و حتى سرت، و لم يتبق للميليشيات الداعمة لحكومة الوفاق و الموالية للإخوان المسلمين سوى رقعة صغيرة من الأرض (مظللة باللون الازرق ) حول طرابلس تمتد حتى مصراتة حيث معقل الإخوان القوي، شرقاً و شريط ساحلي ضيق يمتد حتى الحدود التونسية غرباً. و هذا المشهد تماماً هو ما دعا السراج للاستنجاد بأردوغان و لكن ليس لإنقاذ ما يمكن إنقاذه كما قد يتوهم البعض أو كما تروج له وسائل الإعلام الغربية بل و العربية من إرسال تركيا لجنود لمواجهة الجيش الليبي، و لكن هي كما أراها خطة محكمة تشترك فيها كل الدول الاستعمارية تحت عباءة الأمم المتحدة، بحيث يمكن لها التدخل من جديد لوقف إطلاق النار و فرض اتفاق آخر، مثلما فعلت في الصخيرات، قبل نجاح الجيش الليبي في تحرير كامل التراب الوطني من الميليشيات الإرهابية، و هو تماماً ما فعلته الأمم المتحدة من قبل في اليمن حين اقتربت قوات التحالف من تحرير الحديدة من أيدي الحوثيين.

في النهاية، يجب عليك أن تدرك أن أبواق الحرب العالمية كلها كاذبة، فكل الأطراف ستجلس إلى مائدة المفاوضات في النهاية، و الولايات المتحدة لن تسمح للرجل القابع في أنقرة بتجاوز الدور المرسوم له والاستيلاء على موارد ليبيا النفطية من خلال إرسال قواته إلى ليبيا بينما ترى أنها الأحق بذلك من أي طرف آخر !

الأمر كله يتعلق بجلوس كل طرف و هو في موقف أكثر ثباتاً و قوة من الطرف الآخر بما يمنحه القدرة على صياغة اتفاق يضمن مصالحه، و هي في حالتنا هنا هي نفسها مصالح الشعب الليبي و الجيش الليبي و التي تصب في النهاية في المصلحة العليا للأمة العربية ضد أطماع القوى الاستعمارية، ومن هنا تأتي ضرورة استمرار دعمنا لجهود الجيش الوطني الليبي لتحرير طرابلس، و تأتي أيضاً ضرورة دعمنا للقوات المسلحة المصرية في سعيها لتطوير قدراتها و جهودها الحثيثة في الفترة الماضية في إجراء المناورات البرية و البحرية بالتعاون مع الدول الصديقة في البحر المتوسط، لا لنعلن الحرب على بلد بعينها، و لكن لنمنح الجالس على مائدة المفاوضات المزيد من الثقة بأنه ليس وحده في مواجهة خصومه، و أن حلفاءه قادرون عسكرياً و سياسياً على ردع من تسول لهم أنفسهم الاستمرار في استباحة سيادة و ثروات ليبيا بنفس القدر الذي يستطيعون به ردع من تسول لهم أنفسهم المساس بثروات مصر و مياهها الاقتصادية في البحر المتوسط.


أعتقد الآن أنك بحاجة لفنجان آخر من القهوة!



Friday, January 3, 2020

اغتيال سليماني .. و المسرحية الأمريكاني !



إيهاب الشيمي:

يبدو أن واشنطن قد سئمت من تصرفات طهران التي خرجت عن سياق تحقيق  مخططاتها للمنطقة إلى تحقيق طموحات خامنئي التوسعية المدعومة بأحلام امتلاكه للسلاح النووي!

في وقائع سابقة، كان الأمر أكثر سهولة حين تعلق الأمر بالتخلص من أدوات الولايات المتحدة للعبث بالمنطقة و إعادة رسم خريطة التحالفات و مراكز القوى بل و الحدود السياسية أحياناً، فتم قتل بن لادن زعيم القاعدة ثم قتل البغدادي خليفة داعش، و اغتيال جيمس لاميزورييه مؤسس الخوذات البيضاء في سوريا، و نهايةً بالتخلي عن الأكراد ليذبحهم أردوغان بدم بارد بعد أن كانوا ذراع واشنطن ضد الأسد و ذريعتها لنشر قواتها بشمال سوريا و شرق الفرات لوقف التمدد الروسي هناك ..

 و لكن الأمر ليس بهذه السهولة هذه المرة .. 
فلا يمكن لإدارة ترامب شن حرب على إيران رداً على قصف أرامكو في هجوم لم يمكن حتى الآن تحديد منفذيه و أماكن انطلاقه بشكل قاطع، و لا يمكن لها بالطبع شن هجوم على إيران لاحتجازها بضعة ناقلات للنفط لا تحمل علمها من الأساس، و لا يعد بسط طهران لسيطرتها على أروقة صنع القرار في عدة عواصم عربية مبرراً مقنعاً للتحرك عسكرياً ضدها أيضاً !

الأمر هذه المرة يتطلب الكثير من استعراض القوة، و منح القليل من الخيارات لمن يريدون تحييده و لن أقول التخلص منه كي لا يعتبرني البعض مسهباً في التفاؤل، أو مبالغاً في تقييم الأمور ..

و لا أظن أن أمراً غير اغتيال قاسم سليماني كان سيحقق تلك الشروط التي أظهرت الولايات المتحدة بمظهر القوة العظمى التي لا تتوانى عن فعل ما يحمي مصالحها حتى لو كان اغتيال رجل طهران القوي و عراب سياستها العسكرية و التوسعية في المنطقة، بالإضافة إلى حصر ذلك الفعل لخيارات طهران في ثلاثة خيارات فقط أحلاهم مر:

الأول هو القيام برد فعل أحمق ضد المصالح الأمريكية مباشرةً بما يبرر ضربة شاملة ضد القدرات العسكرية الإيرانية تمتد ٱثارها لشل أذرعها في المنطقة و إعادة عجلة الزمن عشرات السنوات للوراء فيما يخص تمدد الثورة الإسلامية في الدول العربية و خاصةً في لبنان و العراق و سوريا و اليمن، و هو ما سيمنح واشنطن الفرصة لتأسيس نظام جديد موالٍ لها في طهران يمكنها من الاستمرار في تنفيذ مخططاتها و لكن من خلال التوافق و ليس المواجهة و استنزاف موارد من يعدون أنفسهم حلفاء واشنطن هذه المرة !

و الثاني, وهو الصمت و الاكتفاء بإطلاق التهديدات الجوفاء بالانتقام و إلقاء أمريكا و حلفائها في الجحيم، مما سيفقد نظام الملالي هيبته داخل إيران نفسها و يسرع من وتيرة انهياره تحت وطأة الاحتجاجات و الثورة ضده، و الوصول بالتالي لنفس نتيجة الخيار الأول، و لكن بأيدي الشعب الإيراني و ليس صواريخ توماهوك !

و الأخير، و هو إدراك العقلاء في النظام لحجم المأزق و تجنب هذين الخيارين و الرضوخ للمنطق بما يحفظ ماء وجه النظام ثم القبول بالجلوس إلى مائدة مفاوضات مع الولايات المتحدة يعاد من خلالها رسم طريق جديد لطهران يضمن أولاً مصالح واشنطن و يؤمن بقاء النظام، و لو بشكل هش، و يحول دون انهياره !

في النهاية، لا أوافق من يعتقدون أن العملية مجرد تصرف أخرق من ترامب، بل هي خطوة تم الإعداد لها بشكل في غاية الدقة و منذ زمن ليس بقصير بواسطة العديد من الأجهزة السيادية داخل الإدارة الأمريكية!

لا أدعي إمساكي بخيوط اللعبة، أو إدراكي لكل ما هو خلف الكواليس، و لا أطلب منك عزيزي القارئ أن تتفق معي في كل ما ذهبت إليه في تحليلي هنا، و لكن ما أنا متأكد منه قطعاً، هو النجاح منقطع النظير لعرض فصول المسرحية الأمريكية في الشرق الأوسط، والتي بدأت بخروج الخوميني من باب الطائرة  الجامبو الفرنسية في مطار مهر أباد بالعاصمة طهران عام 1979 ليبدأ رحلة تدمير المنطقة و إعادة تشكيلها من جديد تحت عباءة نشر الثورة الإسلامية، بينما  نبقى نحن العرب دائماً في مقاعد المشاهدين في انتظار مشهد النهاية التي لا يبدو أنها قريبة !